الحمد لله.
إذا تم الاتفاق بينك وبين صاحب المصنع على أن يتم البيع نقدا، وألا يتم بالآجل، فالواجب أن تلتزم بذلك، ولا يحل لك مخالفته؛ لأنك وكيل عنه، والوكيل يتقيد تصرفه بالإذن.
وإخبارك بغير الواقع عن المبيعات اليومية – كما يريد مدير الفرع - فيه إخلال بالأمانة، وغش وكذب صريح، وكل ذلك محرمات لا تخفى.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة / 1.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا رواه البخاري (5743)، ومسلم (2607).
وقال صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي رواه مسلم (102).
وهذه المحرمات لا يبيحها كون تصرفكما في صالح المصنع، أو أن الفرع يحقق أرباحا.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة، وبالعرف أخرى. ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد، لم يملك التصرف قبله ولا بعده؛ لأنه لم يتناوله إذنه مطلقا، ولا عرفا؛ لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه، دون غيره" انتهى من "المغني" (5/ 95).
وقال في (5/ 97): " وإن عيّن له الشراء بنقد أو حالًّا، لم تجز مخالفته. وإن أذن له في النسيئة، والبيع بأي نقد شاء، جاز. وإن أطلق: لم يبع إلا حالًّا، بنقد البلد؛ لأن الأصل في البيع الحلول، وإطلاق النقد ينصرف إلى نقد البلد" انتهى.
وعليه ؛ فالواجب أن تمتنع عما يمليه عليك مدير الفرع، وأن تبين له أن هذا تصرف لا يحل، وأنه ينبغي أن يقنع صاحب المصنع بما يراه أفضل.
فإن أصر على موقفه، وجب عليك الامتناع عن مشاركته في الإثم، ولو أدى ذلك إلى إبلاغ صاحب المصنع أو ترك العمل.
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ولا ينال العبد شيئا من الرزق غير ما كتب له، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن رُوح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم: (2085).
فاتق الله، ولا تخن الأمانة، ولا تقترف الكذب لأجل متاع الدنيا الزائل.
والله أعلم.
تعليق