الخميس 25 جمادى الآخرة 1446 - 26 ديسمبر 2024
العربية

حكم شهادة الادخار البلاتينية ذات العائد 20%

287428

تاريخ النشر : 10-02-2020

المشاهدات : 36122

السؤال

والدي الآن على المعاش، وقد استلم مكافأة نهاية المدة، ثم سأل كثيرا قبل أن يضع المبلغ الذي لديه كشهادة إدخار بلاتينية في البنك الأهلي المصري ذات العائد 20% لمدة 18 شهر حسب نظام هذه الشهادة، أنا أعلم أن ظروف الحياة صعبة في مصر، والغلاء فاحش، وأنا والدي بسيط جدا، ولكنه عصبي، وكلما تكلمت معه يقول لي : إنه تحرى، وتأكد أنها مباحة، وليست حراما . فالسؤال هنا : هل هي حلال فعلا ؟ وان كانت حراما، ومازال أبي متعصب لرأيه، هل يجوز لي كولده أن أخرج مبلغ الفائدة التي استحقها عنه لوجه الله تعالى؛ بنية أن الله تعالى يعفو عنه، ويطهره من الحرام إن كان ذلك، وأنا لا يحاسبه عليه بما أنني طهرت ماله بنفسي من الحرام ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

شهادات الادخار أو الاستثمار ذات العائد المنسوب إلى رأس المال، ك 20% من رأس المال أو أقل أو أكثر شهادات ربوية محرمة.

وذلك أن الاستثمار المشروع لا يجوز أن يكون الربح فيه نسبة من رأس المال، بل يجب أن يكون نسبة من الأرباح.

وإذا اجتمع في الاستثمار: ضمان رأس المال، مع نسبة منه، فهذا ليس استثمارا، وإنما هو قرض ربوي محرم. فالعميل هنا هو المقرض، يعطي البنك مائة ألف مثلا، ليأخذها مائة وعشرين ألفا، وهذا مجمع على تحريمه، ولا يلتفت إلى تسميته ادخارا أو استثمارا، أو سندات، أو شهادات بلاتينية أو ذهبية أو غير ذلك.

جاء في مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة عشرة: " من المقرر أن عقد القرض بفائدة يختلف عن عقد المضاربة الشرعية ، حيث إن الربح للمقترض، والخسارة عليه في القرض.

أما المضاربة: فهي مشاركة في الربح ، وتحمل للخسارة إن وقعت ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الخراج بالضمان ) رواه أحمد ، وأصحاب السنن بسند صحيح ، أي : ما يتحصل من عوائد ونماء وزيادات : إنما يحل لمن يتحمل تبعة التلف والهلاك والتعيّب .

وقد استخلص الفقهاء من هذا الحديث القاعدة الفقهية المشهورة " الغُنم بالغُرم " ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ( نهى عن ربح ما لم يُضمن ) رواه أصحاب السنُن .

وقد وقع الإجماع من الفقهاء على مدى القرون ، وفي جميع المذاهب : بأنه لا يجوز تحديد ربح الاستثمار في المضاربة ، وسائر الشركات بمبلغ مقطوع ، أو بنسبة من المبلغ المستثمر - رأس المال - ؛ لأن في ذلك ضمانًا للأصل ، وهو مخالف للأدلة الشرعية الصحيحة ، ويؤدي إلى قطع المشاركة في الربح والخسارة، التي هي مقتضى الشركة والمضاربة ، وهذا الإجماع ثابت مقرر. إذْ لم تُنقل أي مخالفة له . وفي ذلك يقول ابن قدامة في " المغني " ( 3 / 34 ) : "أجمع من يُحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض ( المضاربة ) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة" .

والإجماع دليل قائم بنفسه .

وإن المجمع وهو يقرر ذلك بالإجماع، يوصي المسلمين بالكسب الحلال ، وأن يجتنبوا الكسب الحرام طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم " انتهى .

وانظر في تحريم السندات وشهادات الاستثمار التي تصدرها البنوك الربوية: جواب السؤال رقم : (126073) .

وفي تحريم الفوائد الربوية، واتفاق المجامع الفقهية على تحريمها: جواب السؤال رقم : (45691) .

فالواجب عليك أن تنصح والدك، وأن تبين له حرمة الربا وخطره، وأن صاحبه متوعد باللعن والحرب من الله ورسوله.

قال تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ  البقرة/278 - 279.

وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ:  هُمْ سَوَاءٌ  " .

وما قيمة الأموال، إذا كان جامعها معرضا لهذا الوعيد! عافانا الله وإياكم من ذلك.

فإذا نصحت والدك فقد أديت ما عليك ، ولا حرج عليك بعد ذلك أن تسكت ، حتى لا تثير غضبه وتفسد العلاقة بينكما ، مما يكون فيه قطع للرحم أو أذية له .

ثانيا:

إثم الربا ليس متعلقا بأخذ الفائدة فحسب، بل بالتوقيع عليه، والدخول في عقده، ولهذا فالآخذ والمعطي فيه سواء، وكذلك الكاتب والشاهد، كما تقدم في الحديث.

وعليه، فلا يرفع الإثم عن والدك كونك تخرج مبلغ الفائدة، لكن إن استطعت إقناعه بترك الربا وأنك تجد له وسيلة مباحة للاستثمار، وتعطيه هذا المال، كان حسنا.

فإن أبى، واستمر في هذا التعاقد المحرم، وأردت إخراج المال فأخرجه بنية الصدقة، واجعل ثوابها له، فإن ذلك ينفعه إن شاء الله، والصدقة تطفيء الخطيئة، ويرجى أن يخفف بها عنه.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (258132).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب