الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل اختلال المزاج بالغضب والحزن والفرح ونحو هذا يبطل تحصين النفس؟

287661

تاريخ النشر : 06-02-2019

المشاهدات : 29534

السؤال

يقول بعض الرقاة : إن هنالك أشياء إذا فعلتها ينقض تحصينك ويبطل ؛ كالغضب الشديد ، والفرح الشديد ، والحزن الشديد ، والبكاء ، والخوف ، والهلع الزائد ، وكثرة التفكير والوسوسة ، والقلق ، واليأس ، والعزلة ، والأفكار السلبية ، والمعاصي ، فهل يصح الاعتقاد بهذا الشيء؟ مع العلم إنه يقال : إن هذا ثبُت بالتجارب ، والمعالجة تخضع للتجارب ، وليست أمرا تعبديا ، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أرشد للوضوء عند الغضب تخلصا من الشيطان ، وبعد الاستيقاظ من النوم أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أمور تحل بها عقد الشيطان عند النوم .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا شك أن الشيطان يسعى جاهدا في البحث عن مدخل لقلب الإنسان ليفتنه؛ فقد يستغل أوقات ضعف القلب فيزين للإنسان في هذه الحال ما لا ينبغي من قول أو فعل أو اعتقاد.

والشرع لم يأمر المسلم إلا بالتحكم في تصرفاته فلا يتعدى حدود الله تعالى، وأن يسعى في التحكم في مزاج نفسه ، فلا يخرج عن حد الاعتدال.

كما في قوله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ  الحديد/22 - 23 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ:  لاَ تَغْضَبْ  ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ:  لاَ تَغْضَبْ  " رواه البخاري (6116).

وأمر بغض البصر والابتعاد عما يثير الشهوة، وحث الشباب على النكاح أو الصوم.

وأمر العاصي أن يسارع إلى التوبة.

فهذه التصرفات والانفعالات المذكورة في السؤال تضعف القلب ، وتبعده عن تمام الإيمان وكماله ، وإذا ضعف القلب كان أكثر عرضة لتسلط الشيطان عليه ، وتأثيره فيه ، فالإنسان في مثل هذه الحالات يكون ضعيفا ، ويضعف تحصينه بمقدار ما أثرت تلك الانفعالات في قلبه .

ولعل هذا قصد من يقول إن التحصين يبطل بما ذكرته .

وأما القول بأنه يبطل تحصينه بالكلية بذلك : فلا يصح ؛ بل معه من التحصين، بقدر ما استبقى من إفاقة نفسه، ومجاهدته للشيطان ، ونوازع الخير، تتصارع في نفس الإنسان ، مع نوازع الشر ؛ وبحسب طاعته لغضبه، أو هواه: يضعف من تحصينه ، ويقوى تسلط الشيطان عليه .

وأما إثبات ذلك بالتجربة قياسا على المعالجة ، ففيه نظر أيضا ، لأن المعالجة تكون بشيء محسوس ، يدركه الإنسان بحسه ، يؤثر أثرا محسوسا .

أما تأثير هذه الانفعالات على التحصينات بإبطالها ، فهو أمر غيبي، لا يدخل تحت الحس ، وإثبات التجربة ، بشروطها التي ينتج عنها علم معتبر ، في مثل ذلك : كالمتعذر ؛ بل قد يحصل مثل هذا لأناس، ولا يحصل لآخرين ، وقد يكون هناك أسباب أخرى لتسلط الشيطان على الإنسان على الرغم من قراءته للتحصينات والأدعية الشرعية .

منها : أنه قد يكون قرأها وقلبه غافل لاه ، فيكون تأثيرها ضعيفا .

ومنها : أن يكون هناك مانع من استجابة دعائه ، كما لو كان يأكل حراما ... ونحو ذلك .

ثانيا:

وقد سبق الكلام عن "الوضوء عند الغضب" وبيان ضعف الحديث الوارد به، في الجواب رقم :(133861).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب