الحمد لله.
لجواب :لا شيء أحسن لتثبيت الإيمان وزيادته وإزالة الشبهات التي قد تلاقي المسلم؛ من تدبّر القرآن الكريم ونصوص السنة ، ففيهما الهدى لكل مستهد ، وباحث عن الحق ، وبهما رشد سلفنا الصالح.
قال الله تعالى: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ التوبة/124 - 125.
وقال الله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ الزمر/23.
فالقرآن الكريم مشتمل على الأدلة الدالة على صحة الإسلام وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وبه يهتدي من أراد الله هدايته ، قال الله تعالى عن القرآن الكريم : قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ المائدة/15، 16.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" والله سبحانه حاج عباده على ألسن رسله وأنبيائه فيما أراد تقريرهم به وإلزامهم إياه بأقرب الطرق إلى العقل ، وأسهلها تناولا ، وأقلها تكلفا ، وأعظمها غناء ونفعا ، وأجلها ثمرة وفائدة ، فحججه سبحانه العقلية التي بينها في كتابه جمعت بين كونها عقلية سمعية ظاهرة ، واضحة، قليلة المقدمات، سهلة الفهم، قريبة التناول، قاطعة للشكوك والشبه، ملزمة للمعاند والجاحد، ولهذا كانت المعارف التي استنبطت منها في القلوب أرسخ ، ولعموم الخلق أنفع.
وإذا تتبع المتتبع ما في كتاب الله مما حاج به عباده في إقامة التوحيد، وإثبات الصفات، وإثبات الرسالة والنبوة، وإثبات المعاد وحشر الأجساد، وطرق إثبات علمه بكل خفي وظاهر ، وعموم قدرته ومشيئته ، وتفرده بالملك والتدبير ، وأنه لا يستحق العبادة سواه، وجد الأمر في ذلك على ما ذكرناه من تصرف المخاطبة منه سبحانه في ذلك على أجل وجوه الحجاج، وأسبقها إلى القلوب، وأعظمها ملاءمة للعقول، وأبعدها من الشكوك والشبه، في أوجز لفظ وأبينه وأعذبه وأحسنه وأرشقه وأدله على المراد " انتهى من "الصواعق المرسلة" (2 / 460).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" جميع الطوائف - حتى أئمة الكلام والفلسفة - معترفون باشتمال ما جاءت به الرسل على الأدلة الدالة على معرفة الله وتصديق رسله " انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (9 / 53).
ومهما اجتهد أهل الكفر والباطل في الاستدلال لباطلهم، ففي الوحي أحسن رد عليه.
قال الله تعالى:( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) الفرقان/33.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" أخبر سبحانه أن الكفار لا يأتونه بقياس عقلي لباطلهم إلا جاءه الله بالحق، وجاءه من البيان والدليل، وضرب المثل بما هو أحسن تفسيرا وكشفا وإيضاحا للحق من قياسهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4 / 106).
وفي الوحي الشفاء من كل شبهة لمن تدبّره وتلاه باحثا عن الشفاء.
قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ يونس/57.
وقال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا الإسراء/82.
وقال الله تعالى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ فصلت/44.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
" وهو هذا القرآن، شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات الصادة عن الانقياد للشرع وأمراض الشبهات، القادحة في العلم اليقيني، فإن ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة.
وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني القرآن، أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس، وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه.
وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان، مما يزيل الشبه القادحة في الحق، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 367).
فأجل ما ننصحك به هو قراءة القرآن الكريم قراءة تدبر وتعقل لما فيه ، وقد تحتاجين إلى القراءة في بعض التفاسير ، والذي نشير عليك به هو تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله ، فهو تفسير مختصر ، سهل العبارة ، وهو من أفضل التفاسير المختصرة للقرآن الكريم .
وقد مضى المسلمون قرونا كثيرة والوحي هو هاديهم ، وفيه الشفاء لما في صدورهم؛ حتى جاء هذا العصر وما فتح الله فيه على الناس من المعارف بسنن الكون التي لم يقف عليها من سلف؛ ولأن هذه العلوم أغلبها في أيدي أهل الكفر والإلحاد، والمسلمون في ضعف وموقف المنبهر، استغل أهل الكفر هذا الوضع وسوّقوا لأنفسهم أنهم الأوصياء على الحقائق العلمية في هذه الدنيا، وسلّم كثير من المسلمين لهذا الوضع، وحال طوائف منهم قد طووا كتاب الله الذي فيه الهدى وعطلوا عملية التدبر، وأعرضوا عن الرجوع إلى أهل العلم واكتفوا بما تمليه عليهم عقولهم القاصرة، فسهل على أهل الكفر أن يعيدوا إحياء الشبهات وبثّ الشهوات.
وإذا أردت بعض الكتب التي ترد على الشبهات وتزيد الإيمان بعد كتاب الله تعالى ، فإننا نشير عليك بما يلي :
- كتاب "إظهار الحق" وهو مطبوع في أربع مجلدات، وهو من تأليف الشيخ محمد رحمت الله الهندي رحمه الله تعالى المتوفى سنة 1308 هجرية، وألفه للرد على النصارى؛ وقد احتوى على فصول مهمة في إثبات صحة نبوة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ورد مطاعن أهل الكفر في ذلك، وكذا احتوى على فصول تناول فيها إثبات صحة كون القرآن الكريم كلام الله تعالى المعجز.
- كتاب "النبأ العظيم" للشيخ محمد بن عبد الله دراز رحمه الله تعالى وهو من علماء الأزهر المتوفى سنة 1377 هجرية.
وهذا الكتاب مطبوع في مجلد واحد، وتناول فيه مؤلفه إثبات صحة كون القرآن الكريم من عند الله تعالى معتمدا في ذلك على الحقائق التاريخية والعقلية ومحتوى القرآن الكريم.
- كتاب "البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله" للشيخ المفسر عبد الرحمن السعدي المتوفى سنة 1376 هجرية، وموضوع الرسالة واضح من عنوانها.
- "براهين وجود الله "، د. سامي عامري، ط مركز تكوين، وهو متاح على الشبكة .
- "براهين النبوة"، د. سامي عامري، وهو متاح على الشبكة أيضا.
- "شموع النهار"، لفضيلة الشيخ عبد الله بن صالح العجيري.
- "ميليشيا الإلحاد"، للشيخ عبد الله العجيري، أيضا.
ثم ننصحك بمتابعة إصدارات مركز دلائل، ومركز براهين، جزى الله القائمين عليهما خير الجزاء.
كما نرشدك إلى مطالعة الكتب التي تتناول الإعجاز في القرآن الكريم والسنة النبوية، وتجدين على الرابط الآتي جملة من هذه الكتب:
https://ar.islamway.net/books/category/16
ولمزيد الفائدة يحسن مطالعة جواب السؤال رقم : (234891) ، ورقم : (59911).
والله أعلم.
تعليق