الحمد لله.
المطلقة تستحق المهر المسمى لها، أو مهر المثل ، إن لم يسمَ لها مهر، كما تستحق المتعة، وتكون حقا واجبا لها إن طلقت قبل الدخول ولم يفرض لها مهر .
وتكون المتعة مستحبة غير واجبة على الزوج إن كان الطلاق بعد الدخول .
ومن الفقهاء من أوجب لها المتعة في كل حال، وهذه المتعة جبر لخاطر المطلقة، وتسمى في بعض البلدان تعويضا؛ لأن تقديرها يرجع فيه إلى القاضي.
قال تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ البقرة/236 .
وقال تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة/241 .
وممن ذهب إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، حتى المدخول بها: الشافعية في الأظهر، وأحمد في رواية، وهو مذهب الظاهرية، وأبي ثور، وقال به من السلف سعيد بن جبير، والزهري وقتادة والضحاك، واختاره ابن جرير الطبري، وابن تيمية، والحافظ ابن حجر.
وينظر: "مغني المحتاج" (4/ 398)، "تفسير ابن كثير" (1/ 660) ، "الإنصاف" (8/ 302)، "المحلى" (10/3 )، "تفسير الطبري" (4/ 301)، "مصنف عبد الرزاق" (7/70)، "مجموع الفتاوى" (32/ 27) ، "فتح الباري" (9/ 496).
قال النووي رحمه الله: " لمطلقةٍ قبل وطء متعةٌ، إن لم يجب شطر مهر، وكذا لموطوءة في الأظهر" انتهى من منهاج الطالبين ص(222) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : تجب المتعة لكل مطلقة، حتى بعد الدخول، واستدل بقوله تعالى: ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) [البقرة/241] .
و"المطلقات" عام، وأكد الاستحقاق بقوله: (حَقّاً) أي: أحقه حقاً، وأكَدَّه بمؤكد ثانٍ وهو قوله: (عَلَى الْمُتَّقِينَ)، فدلّ هذا على أن القيام به من تقوى الله، وتقوى الله واجبة .
وما قاله الشيخ رحمه الله قوي جداً، فيما إذا طالت المدة .
أما إذا طلقها في الحال ، فهنا نقول:
أولاً: إنّ تعلق المرأة بالرجل في المدة اليسيرة قليل جداً.
ثانياً: إنّ المهر حتى الآن لم يفارق يدها، فقد أُعطيته قريباً.
أما إذا طالت المدة سنة، أو سنتين، أو أشهراً، فهنا يتجه ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله فيكون هذا القول وسطاً بين قولين، الاستحباب مطلقاً، والوجوب مطلقاً، وهذا هو الراجح " انتهى من "الشرح الممتع" (12/308).
والمتعة تكون بحسب حال الزوج ، الموسع الغني، والمقتر الفقير المعسر. قال تعالى : وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ البقرة/236 ، فليس فيها شيء محدد .
والحاصل :
أنه إن كان المراد بالتعويض، المتعة، ولم يكن في تقديرها إضرار بالرجل، بل كانت مناسبة لحاله من الغنى والفقر، فلا حرج على المرأة في أخذها.
وكذا لو كان المراد بقية مهرها، أو نفقة مستحقة قصر فيها الرجل أثناء الزوجية، أو نفقة العدة إن كان الطلاق رجعيا، وينظر حقوق المطلقة في جواب السؤال رقم : (82641) .
وأما إن كان التعويض خارجا عما ذكرنا، كالتعويض عن الطلاق التعسفي من الزوج، وما ينشأ عنه من ضرر معنوي، فهذا لا أصل له، ولا يحل أخذه من الزوج ولو حكم به القاضي.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (13/40) :
" التَّعْوِيضُ عَنِ الأْضْرَارِ الْمَعْنَوِيَّةِ :
لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ عَبَّرَ بِهَذَا ، وَإِنَّمَا هُوَ تَعْبِيرٌ حَادِثٌ . وَلَمْ نَجِدْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ تَكَلَّمَ عَنِ التَّعْوِيضِ الْمَالِيِّ فِي شَيْءٍ مِنَ الأْضْرَارِ الْمَعْنَوِيَّةِ " انتهى.
والطلاق ، إن كان تعسفيا لغير سبب : فإنه مكروه، وقيل يحرم، لكن ذلك لا يوجب للزوجة عوضا. وينظر: جواب السؤال رقم : (249007)
والله أعلم.
تعليق