الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

أوصت ألا يحضر جنازتها ودفنها وعزاءها

290605

تاريخ النشر : 31-10-2018

المشاهدات : 24761

السؤال

حدثت لي مشكلة مع جدتي ، وكانت مريضة ، فقالت لي : " هذه وصيتي لك ، وأمام خالتي وبناتها ، الوصية تقول : لا أريد رؤيتك لا في حياتي ، ولا في موتي ، ولا في غسيلي ، ولا في دفني ، ولا في عزائي ، أنا متبرئة منك إلى يوم الدين ، ياليتك مت مع أمك ولم أرك أمامي ، فما حكم هذه الوصية ؟

ملخص الجواب

 الوصية بمنع شخص ما من الحضور إلى جنازة المتوفى ، أو الصلاة عليه ، أو نحو ذلك : ليست من باب الوصية الشرعية الواجبة النفاذ ، بل هي إلى الإثم وقطيعة الرحم ، كما في صورة السؤال ، أقرب ، وليس للميت حق ولا مصلحة فيها ، مع ما فيه من حرمان صلاة عبد مسلم عليه ، واستغفاره له ، وكل ذلك ممنوع.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا كنت بريئا من هذه التهمة، لم تمس شيئا من مالها، فلا شيء عليك، ولا يضرك ما ادعته، وينبغي أن تصبر وتحتسب، وقد وعد الله الصابرين فقال:  وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ البقرة/155- 157 .

ثانيا:

الوصية بمنع إنسان من زيارة الحي، أو حضور دفنه وعزائه إذا مات، وصية محرمة؛ لما فيها من الدعوة إلى القطيعة، ولذا لا يجب تنفيذها.

ولا يجب تنفيذ شيء من الوصايا إلا ما فيه قربة وبر.

قال ابن رشد رحمه الله: " لا يلزم أن يُنفَّذ من الوصايا إلا ما فيه قربة وبر" انتهى من "البيان والتحصيل" (2/ 287).

وقال خليل في مختصره: "وبطلت بردته وإيصاء بمعصية" انتهى.

قال في منح الجليل (9/ 512): "(و) بطلت ب (إيصاء بمعصية) كمالٍ لمن يشتري خمرا يشربها أو لمن يقتل معصوما أو لمن ينوح" انتهى.

والفقهاء يشترطون في "الموصى به" : ألا يكون فيه معصية ، كما سبق النقل به عن الفقهاء .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (43/258) ، في جملة شروط الموصى به:

" أَلا يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَعْصِيَةً أَوْ مُحَرَّمًا شَرْعًا :

51 - الْقَصْدُ مِنَ الْوَصِيَّةِ تَدَارُكُ مَا فَاتَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مِنَ الإِحْسَانِ ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَعْصِيَةً " انتهى .

ومع أن الفقهاء يشترطون – أيضا - أن يكون الموصى به "مالا" ، "متقوما" ، أو ما كان في معناه . [ ينظر : "الموسوعة الفقهية" (43/254-258) ] ؛ وهذا يخرج محل السؤال ، وأمثاله من باب الوصية من أصله ؛ فإن الشاهد من نقل كلامهم هنا : أن نصهم على تحريم الوصية بما فيه مصعية ، يدل على المنع من مثل هذه التصرفات ؛ فضلا عن خروجها ، من حيث الأصل ، عن باب الوصية الذي ينظر فيه الفقهاء ، لو لم يكن فيها معصية ؛ فكيف إذا كانت معصية ، وتحكما محضا ، لا مصلحة للمتوفى فيه بوجه ، بل هي فيها من مفاسد إذكاء العداوات ، والشحناء ، والدعوة إلى الإثم وقطيعة الرحم : ما هو ظاهر .

والحاصل :

أن الوصية بمنع شخص ما من الحضور إلى جنازة المتوفى ، أو الصلاة عليه ، أو نحو ذلك : ليست من باب الوصية الشرعية الواجبة النفاذ ، بل هي إلى الإثم وقطيعة الرحم ، كما في صورة السؤال ، أقرب ، وليس للميت حق ولا مصلحة فيها ، مع ما فيه من حرمان صلاة عبد مسلم عليه ، واستغفاره له ، وكل ذلك ممنوع.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب