الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

استئجروا على كبس العلف فأضافوا ماء ففسد فهل يضمنون وهل يستحقون الأجرة؟

292705

تاريخ النشر : 05-02-2019

المشاهدات : 5482

السؤال

اشتركت مع صديق لي في مصنع لكبس أعلاف المواشي ، فاشتريت المكينة الخاصة بكبس العلف عن طريق شريكي ، حيث إنني كنت لا أعرف شيئا عن هذا الأمر ، ثم كان يأتي لنا بالخامات من مصنعه ، ونقوم بتصنيعها لحسابنا حسب ما يعلمنا هو ، وبيعها لمزارع أو تجار المواشي ، ولكن لقلة خبرتنا كنا لا نستطيع تسويقها وبيعها بسرعة ، وعندنا عمال ومصروفات ، فاقترح هو علينا أن يأتي بخاماته من مصنعه لحسابه الشخصي  لنقوم بكبسها مقابل مبلغ معين ، فوافقنا ، ثم بعد أن جاء لنا بنقلة أخذها ، وبعدها كنا قد بعنا بضاعتنا عن طريقه هو أيضا ، فاتفقنا معه أن يأتي بخامات لحسابنا الشخصي ، حيث إن ثمن الكبس كان ضعيفا مقارنة بأجرة العمال وفواتير الكهرباء وصيانه المكينة ، ولكن فوجئنا أنه جاء بخامات لحسابه الشخصي ، رغم اتفاقنا معه أن يأتي بخامات لنا ، فحاولنا معه أن نزيد سعر كبس العلف ، فقال لنا : هذا سعر السوق ، وهذا السعر زائد أيضا ، فقلنا سنتفق بعد أن ننتهي من هذه الخامات التى جاء بها ، ونتفق من جديد ، أو نلغي العمل والكبس لحسابه ، إلا إننا تفاجئنا بعد أن أستلم البضاعة في المرة الأخيرة أنه لم يكمل دفع ما تبقى عليه من المال ، وطالبنا بثمن البضاعة كاملة بمكسبها ، أي طالبنا بثمن الخامات ، وثمن الكبس الذي لم يدفعه لنا كله ، وثمن نقلها وحمولتها ، وثمن بيعها بأعلى مكسب، علما بأن هذا الثمن باهظ علينا لا نستطيع سداده الآن ، والسبب الذي جعله يطالب بالتعويض أننا أضفنا ماءً لها عند الكبس ، نعم نحن أضفنا لها ماءً ، لكن لم نكن نعلم أنه سيفسد العلف ، حيث إن بضاعتنا اتى كبسناها لحسابنا قمنا بإضافه الماء إليها أيضا ، وهو من كان يرشدنا وكانت هذه تعليماته ، وكانت المكينة تعمل بصعوبة عند عدم إضافة الماء للعلف ، وحتى إنه في بداية الأمر اتهمنا بدس باقي بضاعتنا من العلف غير المباع عندنا فيها ؛ لأن الماء مضاف إليها ، وهي لم تبع من فترة فهي فاسدة ، ولما تأكد من عدم وجودها فيها طالبنا بالتعويض المذكور ؛ لإضافتنا الماء لخاماته . السؤال : هل يتم التعويض أم لا ؟ مع العلم أن إضافه الماء غير مقصودة ، ولم نكن نعلم أنها ستفسد العلف ، بل نحن أضفناها للعلف الذي صنعناه لحسابنا ، ولم يفسد حتى الآن . وهل إذا كان هناك تعويض ، فهل يكون ثمن الخامات الأصلية أم الثمن بالمكسب ؟ وهل من حقنا المطالبة بالتعويض الذي تسببت به خاماته في إتلاف المكينة ، وتكبدنا ثمن إصلاحها ، حيث كان بها بعض الشوائب ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ما قمتم به من إضافة الماء إلى العلف عند الكبس، إن أدى إلى فساده، ولم تجر عادة المصانع الأخرى بوضع الماء، ولا طلب صاحبه ذلك، فأنتم ضامنون لما فسد من العلف .

وإذا كان هو من أرشدكم إلى وضع الماء في الماكينة ، ووثقتم في أمانته ، ومعرفته بالطريقة المعتادة لأهل المهنة في كبس العلف ، وفعلتم ذلك في علفكم ، بإرشاده ، ولم يفسد علفكم ، ولم ينهكم هو عن وضع الماء في علفه : فالذي يظهر أنه لا ضمان عليكم في هذه الحالة ، إلا أن تكونوا زدتم في الماء عن المعتاد ، أو عما طلبه هو منكم .

وقد يكون التلف لسبب آخر ، كتأخره في أخذ العلف ، مثلا .

ثانيا:

وفي حال الضمان، تضمنون مثل العلف قدرا وصفة؛ لأن المثلي يضمن بمثله، ويكون العلف الفاسد لكم، وتردون ما أخذتم من أجرة الكبس.

ولا يلزمكم أجرة نقل العلف ولا حمله، ولا بيعه، ولا الربح الذي كان سيأتيه منه، وإنما تسلّمون له علفا سليما (خام) غير مكبوس، ولكم أن تتراضوا على إعطائه قيمته يوم التسليم.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والقاعدة عندنا في ضمان المُتلفات: (أن المثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته) لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إناء بإناء، وطعام بطعام في قصة معروفة، وهي أنه صلّى الله عليه وسلّم كان عند إحدى زوجاته ـ رضي الله عنهن ـ فأرسلت الزوجة الأخرى خادمها بطعام في صحفة، فدخل الخادم بالطعام والصحفة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم في منزل الضرَّة، فأصابتها الغيرة، فضربت بيد الخادم حتى سقطت الصحفة وانكسرت، فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم طعام المرأة التي هو عندها وصحفتها وأعطاها الخادم، وقال: إناء بإناء، وطعام بطعام فهنا ضُمِن بالمثل؛ لأن هذا مثلي" انتهى.

وقال رحمه الله في ضمان الخياط إذا أفسد ما طُلب منه خياطته: "إذا قلنا: إنه يضمن فهل له أجرة؛ لأنه تعب وخاط، وأمضى وقتاً وخيوطاً واستعمالاً للآلة أو لا؟ ليس له أجرة.

وإذا قلنا في هذه الحال: إنه يضمن، فهل نقول: يأخذ السراويل ويرد بدلها قطعة القماش، أو نقول: يأخذ صاحب القطعة السراويل ويعطى الفرق بين القميص والسروال؟

الأول هو الواجب، لكن إذا اصطلحا على شيء فلا بأس، لو قال: أنا آخذ السراويل ولكن أعطني الفرق بين السراويل والقميص فلا بأس إذا اتفقا" انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 83).

ثانيا:

ليس لكم المطالبة بتعويضٍ عما سببه علفه من إتلاف للمكينة؛ لأنكم فعلتم ذلك على بصيرة واختيار، وكان لكم الامتناع عن كبس العلف المخلوط بالشوائب.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب