الحمد لله.
أولا:
ما قمتم به من إضافة الماء إلى العلف عند الكبس، إن أدى إلى فساده، ولم تجر عادة المصانع الأخرى بوضع الماء، ولا طلب صاحبه ذلك، فأنتم ضامنون لما فسد من العلف .
وإذا كان هو من أرشدكم إلى وضع الماء في الماكينة ، ووثقتم في أمانته ، ومعرفته بالطريقة المعتادة لأهل المهنة في كبس العلف ، وفعلتم ذلك في علفكم ، بإرشاده ، ولم يفسد علفكم ، ولم ينهكم هو عن وضع الماء في علفه : فالذي يظهر أنه لا ضمان عليكم في هذه الحالة ، إلا أن تكونوا زدتم في الماء عن المعتاد ، أو عما طلبه هو منكم .
وقد يكون التلف لسبب آخر ، كتأخره في أخذ العلف ، مثلا .
ثانيا:
وفي حال الضمان، تضمنون مثل العلف قدرا وصفة؛ لأن المثلي يضمن بمثله، ويكون العلف الفاسد لكم، وتردون ما أخذتم من أجرة الكبس.
ولا يلزمكم أجرة نقل العلف ولا حمله، ولا بيعه، ولا الربح الذي كان سيأتيه منه، وإنما تسلّمون له علفا سليما (خام) غير مكبوس، ولكم أن تتراضوا على إعطائه قيمته يوم التسليم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والقاعدة عندنا في ضمان المُتلفات: (أن المثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته) لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إناء بإناء، وطعام بطعام في قصة معروفة، وهي أنه صلّى الله عليه وسلّم كان عند إحدى زوجاته ـ رضي الله عنهن ـ فأرسلت الزوجة الأخرى خادمها بطعام في صحفة، فدخل الخادم بالطعام والصحفة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم في منزل الضرَّة، فأصابتها الغيرة، فضربت بيد الخادم حتى سقطت الصحفة وانكسرت، فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم طعام المرأة التي هو عندها وصحفتها وأعطاها الخادم، وقال: إناء بإناء، وطعام بطعام فهنا ضُمِن بالمثل؛ لأن هذا مثلي" انتهى.
وقال رحمه الله في ضمان الخياط إذا أفسد ما طُلب منه خياطته: "إذا قلنا: إنه يضمن فهل له أجرة؛ لأنه تعب وخاط، وأمضى وقتاً وخيوطاً واستعمالاً للآلة أو لا؟ ليس له أجرة.
وإذا قلنا في هذه الحال: إنه يضمن، فهل نقول: يأخذ السراويل ويرد بدلها قطعة القماش، أو نقول: يأخذ صاحب القطعة السراويل ويعطى الفرق بين القميص والسروال؟
الأول هو الواجب، لكن إذا اصطلحا على شيء فلا بأس، لو قال: أنا آخذ السراويل ولكن أعطني الفرق بين السراويل والقميص فلا بأس إذا اتفقا" انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 83).
ثانيا:
ليس لكم المطالبة بتعويضٍ عما سببه علفه من إتلاف للمكينة؛ لأنكم فعلتم ذلك على بصيرة واختيار، وكان لكم الامتناع عن كبس العلف المخلوط بالشوائب.
والله أعلم.
تعليق