الحمد لله.
أولا:
نذر الطاعة يجب الوفاء به
من نذر إن حصل على عمل أخرج لله ألف ريال، ثم حصل على عمل، وجب عليه الوفاء؛ لأن نذر الطاعة يجب الوفاء به سواء كان مطلقا أو معلقا على شرط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ رواه البخاري (6202).
وهذا النذر المعلق على شرط مكروه، منهي عنه، وإنما يستخرج من البخيل، ولا يأتي بشيء لم يقدره الله عز وجل، لكن يجب الوفاء به مع ذلك، لما قدمنا.
وينظر: جواب السؤال رقم: (36800)، (95387)، (132579).
ثانيا:
إذا كان زوجك لم يعين مكانا للنذر فلا حرج أن يخرجه في بلده الأصلي، والواجب أن يخرجه بالريال، أو بما يعادله من العملة الأخرى في يوم الإخراج.
ثالثا:
حكم إخراج النذر والزكاة والكفارة عن الغير
الأصل أن النذر والزكاة وكفارة اليمين وغيرها من الكفارات: لا تخرج إلا بعلم من وجبت عليه؛ لاشتراط النية في ذلك.
فإن إخرج إنسان عن غيره دون علمه، لم يجزئه.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لو علم به بعد الإخراج، فأجازه: أجزأ عنه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قال العلماء: وهكذا كل من أدى عن غيره دَيْناً واجباً، فإنه يرجع إن نوى الرجوع، ولو بغير إذنه، إلا إذا كان الدَّيْن مما تشترط فيه نية المدين، فإنه لا يرجع إلا بإذن، مثل الزكاة والكفارة؛ لأن الذي عليه الزكاة لم ينوِ، ولم يوكل.
مثاله: جاء رجل وقال: أنا سأذهب إلى المجاهدين أعطوني دراهم من الزكاة، وكنت أعلم أن صاحبي عنده زكاة كثيرة، فأعطيت هذا الرجل ثلاثين ألفاً على أنها زكاة صاحبي فهل أرجع؟
لا؛ لأن الزكاة تجب فيها النية، وهنا الذي عليه الزكاة لم ينو، وأما الثلاثون ألفاً فلا تذهب، بل عند الله وفيها أجر وتكون صدقة للذي بذلها.
فلو أنني أخبرته، وقلت: إنني دفعت عنك زكاة، فقال: جزاك الله خيراً، وأنا مجيز لك هذا التصرف؟
فالمذهب: لا يجزئ؛ لعدم وجود النية حين الدفع.
والصحيح: جواز ذلك. والدليل على ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة حفظه التمر، وهو وكيل للرسول صلّى الله عليه وسلّم على صدقة الفطر يحفظها، فجاءه الشيطان ليلة من الليالي وأخذ من التمر فأمسكه أبو هريرة، فقال الشيطان: إنه فقير وله عائلة، فَرَقَّ له أبو هريرة وتركه، وهكذا الليلة الثانية، والليلة الثالثة، قال: لا بد أن تذهب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم فخاف من الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقال: أخبرك بآية تقرؤها، فإن قرأتها في ليلة لم يزل عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فأعلمه بآية الكرسي، فلما أصبح قال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ما فعل أسيرك البارحة؟ وقال: إنه صدقك وهو كذوب، فقال: أتدري من تخاطب منذ ثلاثة أيام؟ فقال: لا، فقال: ذلك شيطان.
فأبو هريرة رضي الله عنه، حين دفع من الزكاة لم يدفع بإذن الرسول، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أجازه.
فالصحيح: أن الإنسان لو دفع عن غيره زكاة، وأجازه الغير: فإن الصحيح جواز ذلك " انتهى من "الشرح الممتع" (9/ 199).
وعلى هذا : فإن أجاز زوجك تصرفك، صح الإخراج عن نذره.
ثم القول الصحيح : أن تصرف الفضولي يصح، ويملكه من تُصُرِّف له من حين العقد، لا من حين الإجازة .
قال المرداوي في "الإنصاف" (11/59) في شراء الفضولي :
"تنبيه: حيثُ قُلْنا: يَمْلِكُه بالإجازَةِ. فإنَّه يدْخُلُ فى مِلْكِه مِن حينِ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به القاضي فى الجامِعِ، والمُصَنِّفُ فى المُغْنِى، فى مَسْأَلةِ نِكاحِ الفُضُولِىِّ. وقدَّمه في الفُروعِ. وقيل: مِن حينِ الإِجازَةِ. جزَم به صاحِبُ النِّهايَةِ. قال فى القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ: ويَشْهَدُ لهذا الوَجْهِ، أنّ القاضِي صرَّح بأن حُكْمَ الحاكمِ المُخْتَلَفِ فيه، إنما يُفيدُ صِحَّةَ المَحْكومِ به، وانْعِقادَه مِن حينِ العَقْدِ، وقبلَ الحُكْمِ كان باطِلًا. انتهى.
وعلى ذلك ، فقد أخرجت عن زوجك ألفي ريال، بناء على ما ذكرته من قيمة المبلغ الذي أخرجته بالجنيه (4000)؛ فإن كان الذي يلزم زوجك – وهو راتب شهر – ألفي ريال، فقد وفى بنذره؛ وإن كان راتب شهر أكثر من ذلك، وجب عليه أن يخرج ما تبقى في ذمته .
وأنت، على ذلك : لك في ذمة زوجك : ألفا ريال ؛ وهي قيمة ما أخرجت عن نذر زوجك .
وإما إذا لم يوافق على ما فعلت، ولم يُجز تصرفك: فليس لك أن تلزميه بما فعلت، وكان هذا المال صدقة عنك، ويبقى نذره بحاله.
والله أعلم.
تعليق