الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم ازالة ما يسمى بـ "الوحمة" من الجسد

السؤال

أنا رجل لدى وحمة ـ هى لون مغاير للون الطبيعى للجسم ـ فى كتفى الأيمن، وأريد أن أزيل الوحمة؛ كى أكون إنسانا طبيعيا، وكنت قد قرأت على موقعكم الكريم فتوى بعنوان حكم عمليات التجميل برقم (47694)، وفهمت منها بإن إزالة العيوب جائز، لأن كل أمر يتم العودة به إلى الأمر الطبيعى الذى عليه عموم خلق الله لا يعد تغييرا للخلق، وإنما عوده إلى الأمر الطبيعى، ولأن الله تعالى خلق الإنسان فى أحسن تقويم، وبالتالى العودة إلى الأمر الطبيعى عندما ينتج عنه حسن فهذا لا يعد حراما، لأن الحسن هذا نتج عن العودة إلى الأمر الطبيعى، والعودة إلى الخلقة السوية، ومعلوم بأن الخلقة السوية أجمل من الخلقه التى بها عيب، ولقد خلق الإنسان فى أحسن تقويم، إذن إزالة الوحمة حلال، هذا هو سؤالى .

الجواب

الحمد لله.

الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان على هيئة حسنة معتدلة مناسبة لهذه الحياة وتكاليفها ظاهرا وباطنا؛ قال الله تعالى:  لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ  التين/4.

ولذلك حرم الله تعالى تغيير الإنسان خلقته طلبا للحسن والجمال ، فهذا فيه الاعتراض على ما خلقه الله ، وإرادة الإنسان أن يفعل أحسن منه.

لكن إذا لم يكن هذا التغيير طلبا للحسن والجمال ، وإنما إزالة لعيب موجود ، أو دفعا لضرر مخوف منها ؛ فالتغيير في هذه الحالة جائز لا حرج فيه.

وينظر جواب السؤال رقم : (129370) .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى. مَالِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ:  وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ   إلى  فَانْتَهُوا  "واه البخاري (5931)، ومسلم (2125).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" وأما قوله: (المُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ) فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج ، أو عيب في السن ونحوه ؛ فلابأس . والله أعلم " انتهى من"شرح صحيح مسلم" (14 / 106 – 107).

فإذا كانت هذه الوحمة على هيئة تلحق بك الضرر، كأن تكون تسبب نفور الناظر إليها، وأنت متزوج أو مقبل على الزواج وتخاف نفور الزوجة منك بسببها؛ ففي هذه الحال لا حرج عليك في إزالتها.

سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" إنها فتاة في وجهها بقع سوداء صغيرة مثل حبة الخال، وهذه كثيرة ما بين ست إلى ثمان نقاط متفرقة، تقول: ما حكم إزالة مثل هذه النقاط في مستشفى بواسطة الليزر أو أي طريقةٍ أخرى؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج في إزالتها؛ لأنها بهذه الكثرة التي ذكرتها تشوِّه الوجه بلا شك، وتوجب أن ينفر الناس من مشاهدتها.

والقاعدة في هذا: أن ما كان للتجميل فحرام، وما كان لإزالة العيب فحلال؛ دليل الأول: ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن الواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة )، فالوشم تلوين الجلد، والوشر حك الأسنان بالمبرد ونحوه؛ لأن هذا تجميل.

ودليل الثاني، وهو إزالة العيوب ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للرجل الذي قطع أنفه أن يتخذ أنفاً من فضة، ففعل فأنتن فأمره أن يتخذ بدل الفضة ذهباً ) لأن هذا من إزالة العيب.

فخذي هذه القاعدة وانتفعي بها، وعلى هذا فاللاتي يحاولن أن يقلبن سواد وجوههن إلى بياض: محاولتهن حرام؛ لأن هذا من باب تغيير خلق الله للتجميل فقط.

فإن قال قائل: ماذا تقولون في تعديل الحول في العين؛ هل هو من باب التحسين أم من باب إزالة العيب؟

فالجواب: أن هذا من باب إزالة العيب، فيكون جائزاً، وكذلك أيضاً لو كان في الأسنان نتوء واضح بارز يعد عيباً، فلا بأس بتقويمها حتى تساوي صفوف الأسنان الأخرى " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (11 / 83).

وإذا كانت هذه الوحمة يخشى منها بعض الأمراض الجلدية، كما أفاده بعض الأطباء: قوي جانب الرخصة في إزالتها.

ولهذا ؛ ننصحك بمراجعة طبيب ثقة متخصص في الأمراض الجلدية .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب