الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

أخذ إمام المسجد أجرة على تنظيفه

296801

تاريخ النشر : 19-12-2018

المشاهدات : 9908

السؤال

أنا إمام مسجد في بلدي ، والمسمى الوظيفي في مديرية الأوقاف إمام ، ولست خادما أو مؤذنا ـ ولي الشرف ، فكلنا خدم لبيوت الله تعالى ـ يأتي مبلغ من المال كل شهر من أحد المحسنين ؛ من أجل تنظيف المسجد ، فهل لي أن أقوم أنا بأعمال التنظيف ، وآخذ هذا المبلغ ؟

الجواب

الحمد لله.

إذا كان هذا المتبرع لم يعين شخصا ، وإنما تبرع بهذا المال لمن يقوم بهذا العمل ، فلا حرج عليك في القيام به وأخذ المال .

ولا حرج في الإجارة على التعليم ، والأذان ، والإقامة ، ونحوها من أعمال البر والخير التي يتعدى نفعها .

وينظر جواب السؤال رقم : (134154)، ورقم : (95781) .

هذا ، مع أن الذي يظهر أن هذا المال المتبرع به ، يشبه المال الموقوف ، والمال المأخوذ من بيت المال ، فلا يكون ذلك أجرة على هذا العمل ، وإنما هو رزق ، قصد به إعانة آخذه على الطاعة ، مع تحصيل المنفعة المقصودة من ذلك ، وهي تنظيف المسجد .

قال ابن قاسم رحمه الله في "حاشية الروض المربع" (5/321) :

"ويجوز أخذ رزق - على ما يتعدى نفعه ، كالحج ، والأذان ، والإمامة ، وتعليم القرآن ، والفقه، والحديث، والقضاء والفتيا، ونحو ذلك - من بيت المال، لأنه ليس بعوض ، بل القصد به الإعانة على الطاعة ، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة ، ولا يدخل في الإخلاص" انتهى .

وسواء كان هذا المال أجرة ، أو رزقا على هذا العمل ، فلا حرج في أخذه ، كما سبق بيانه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"ويجوز أن يأخذ الأجرة على تعليم الفقه والحديث ونحوهما ، إن كان محتاجا ، وهو وجه في المذهب ...

والأعمال التي يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة هل يجوز إيقاعها غير وجه القربة ؟ فمن قال لا يجوز ذلك لم يجز الإجارة عليها لأنها بالعوض تقع غير قربة ، وإنما الأعمال بالنيات ، والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه ، ومن جوز الإجارة جوز إيقاعها على وجه القربة ، وقال تجوز الإجارة عليها لما فيها من نفع المستأجر .

وأما ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضا وأجرة ، بل رزق للإعانة على الطاعة ، فمن عمل منهم لله أثيب ، وما يأخذه رزق للإعانة على الطاعة . وكذلك المال الموقوف على أعمال البر والموصى به والمنذور كذلك ليس كالأجرة" انتهى من "الاختيارات" (ص 133) .

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (10/55) :

"أشكل على بعض الإخوة المستقيمين ما يأخذه بعض الناس على الأذان والإقامة والتدريس والدعوة، وقالوا: إن هذا نقص وخلل في التوحيد؛ لأن هذا الذي يأخذ المكافأة لا شك أنه يجنح إليها، يعني ليس أخذها وعدمه عنده سواء، وأكثر الناس على هذا، بل ربما بعض الناس يصرِّح يقول: أنا أريد أن أكون إماماً لأني أريد أن أتزوج، أو لأني تزوجت وأحتاج إلى نفقة.

فيقول بعض الناس: إن هذا شرك؛ لأنه أراد بهذا العمل الصالح الدنيا، فيقال لهؤلاء: هذا الذي تأخذونه ليس أجرة، ولكنه حق تستحقونه من بيت المال، وغاية ما عند الحكومة أن توزع بيت المال على المستحقين، فمثلاً: هذا مدرس فله ما يليق بعمله، وهذا مؤذن فله ما يليق بعمله، وهذا إمام فله ما يليق بعمله، وهذا داعية فله ما يليق بعمله، وهكذا، يعني ليس من الحكومة في هذا إلا التوزيع والتنظيم، أما أنت فلك حق، وكل من عمل عملاً متعدياً في المسلمين فله حق من بيت المال على حسب نتيجة هذا العمل وثمرته، وحتى من لم يعمل له حق من بيت المال، كالفقراء واليتامى ومن أشبههم.

على كل حال هذه المسألة اشتبهت على بعض المستقيمين ولهذا يسألون عنها كثيراً، حتى إن بعضهم يكون أهلاً للإمامة تماماً، قارئاً وفقيهاً ولا يرغب؛ لأنه سوف يعطى مكافأة من بيت المال، فنقول: الحمد الله، أنت الآن لست مستأجراً ولكنك مستحق لهذا العمل الصالح ونفع المسلمين، فليس عليك أي بأس، فينبغي إذا أورد أحد هذا الإشكال أن يبيَّن له" انتهى .

فعلى هذا ، لا حرج عليك في أخذ هذا المال ، والمأمول من كرم الله وفضله ، أن يجمع لك ، مع هذه الأجرة ، والرزق الذي يأتيك : الأجر والثواب على تنظيف المسجد ، فإن ذلك من الأعمال الصالحة الجليلة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب