الحمد لله.
أولًا:
ينبغي على المسلم أن يحفظ قلبه من التعرض للشبهات، وأن يستقي علمه من الكتاب والسنة وعلماء الإسلام الثقات .
"فيجب على المسلم أن يحافظ على عقيدته وإيمانه ، ويهتم بسلامة فطرته وفكره ، ويهرب بدينه وقلبه من الشبهات والفتن ، فإن القلوبَ ضعيفةٌ والشبهَ خطَّافة ، تخطف بشيء من البريق الذي يزينها به أهل البدع والضلالات ، ولكنها في الحقيقة شبه واهية ضعيفة .
والنظر في كتب البدع والضلالة أو كتب الشرك والخرافة أو كتب الأديان الأخرى التي طالها التحريف أو كتب الإلحاد والنفاق لا يجوز إلا لمتأهِّل في العلم الشرعي ، يريد بقراءته لها الرد عليها وبيان فسادها ، أما أن ينظر ويقرأ فيها من لم يتحقق بالعلم الشرعي فغالبا يناله من هذه المطالعة شيء من الحيرة والغواية ، وقد وقع ذلك لكثير من الناس وحتى من طلبة العلم ، حتى انتهى بهم الأمر إلى الكفر والعياذ بالله ، وغالبا ما يغتر الناظر في هذه الكتب بأن قلبه أقوى من الشبهات المعروضة ، إلا أنه يفاجأ – مع كثرة قراءته – بأن قلبه قد تشرَّب من الشبهات ما لم يخطر له على بال"، وانظر جواب السؤال رقم: (92781)، (97726) .
ثانيًا:
ليس في القرآن ، ولا في السنة الصحيحة : ذكر ليوسف النجار.
وعامة المنقول في شأنه ، إنما هو من الإسرائيليات. وقد ذكر فيه أنه حمل مريم عليها السلام ، وابنها عيسى عليه الصلاة والسلام ، إلى غار ، تمكث فيه بعيدًا عن الناس.
وقد نقل شيء من ذلك في بعض كتب التاريخ، والتفسير ، كما نقل فيها الكثير من الأخبار والروايات الإسرائيلية ، لا سيما في هذه القصص وأشباهها .
انظر مثلا : "تفسير الطبري" (15/ 494).
وقد ذكر ابن كثير من أمره، قوله: " فالمشهور الظاهر - والله على كل شيء قدير- أنها حملت به، كما تحمل النساء بأولادهن؛ ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل عليها، وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها، يخدم معها البيت المقدس، يقال له: يوسف النجار، فلما رأى ثقل بطنها، وكِبَره، أنكر ذلك من أمرها، ثم صرفه ما يعلم من براءتها، ونزاهتها، ودينها وعبادتها.
ثم تأمل ما هي فيه ، فجعل أمرها يجوس في فكره ، لا يستطيع صرفه عن نفسه ، فحمل نفسه على أن عرَّض لها في القول، فقال: يا مريم، إني سائلك عن أمر، فلا تعجلي علي ، قالت: وما هو؟ قال: هل يكون قط شجر من غير حَب ؟ وهل يكون زرع من غير بَذر؟ وهل يكون ولد من غير أب ؟
فقالت: نعم - وفَهِمتْ ما أشار إليه - أما قولك: "هل يكون شجر من غير حب، وزرع من غير بذر؟ " ؛ فإن الله قد خلق الشجر والزرع ، أول ما خلقهما ، من غير حب، ولا بذر " .
وهل خلق يكون من غير أب ؟ " فإن الله قد خلق آدم من غير أب ولا أم.
فصدقها، وسلم لها حالها".
انتهى من " تفسير ابن كثير" (5/ 222).
إذًا، فغاية أمره: أنه رجل صالح، صدق مريم عليها السلام، وأعانها وولدها، إلى أن أظهر الله أمر ولدها .
ثالثًا:
وأما اليهود – لعنهم الله - فرموا مريم بالزنا عياذًا بالله ، واتهموها بيوسف هذا، وقال بعضهم: إنه كان خطيب مريم عليها السلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وكذلك هم في المسيح ؛ فالنصارى يقولون هو الله ، ويقولون أيضا هو ابن الله ، وهو إله تام وإنسان تام .
واليهود يقولون هو ولد زنا ، وهو ابن يوسف النجار ، ويقولون عن مريم إنها بغي بعيسى كما قال - تعالى -: وقولهم على مريم بهتانا عظيما [النساء: 156] ، ويقولون هو ساحر كذاب.
وأما المسلمون فيقولون : هو عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، وروح منه ، وهو وجيه في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين ، ويصفونه بما وصفه الله به في كتابه ، لا يغلون فيه غلو النصارى ، ولا يقصرون في حقه تقصير اليهود " انتهى من " الجواب الصحيح "(2/ 144).
وانظر لمزيد في بيان اختلاف النصارى في المسيح، وفي اعتقادهم في يوسف النجار ، " مناظرة بين الإسلام والنصرانية " للشيخ أبي زهرة (51).
والله أعلم
تعليق