الحمد لله.
أولا:
لا يجوز لجهة عملك أن تقدم فطورا وغداء لفريق الرقابة المسئول عن تقييم عملها؛ لأن ذلك من الرشوة المحرمة، ومن هدايا العمال التي هي غلول وخيانة.
وقد أجمع أهل العلم على تحريم الرشوة أخذا أو إعطاء، وهي من كبائر الذنوب؛ لما رواه أحمد (6791) وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي " والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621).
وعند أحمد: (وَالرَّائِشَ).
والرائش: هو الوسيط بينهما.
وروى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هدايا العمال غُلول) أي خيانة. والحديث صححه الألباني في " صحيح الجامع " رقم: (7021).
وروى البخاري (7174)، ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: " اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابن اللُّتْبِيَّة عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ: أَلا هَلْ بَلَّغْتُ، ثَلاثًا .
والرغاء: صوت البعير، والخُوار: صوت البقرة، واليُعار: صوت الشاة.
وهذه الهدايا ، من طعام وغيره : لها مفاسد بيّنة ؛ لأنها تؤدي إلى استمالة القلب إلى المهدي، فتحمل الموظف على المحاباة، والتجاوز عن الخطأ والتقصير، مما يتنافى مع مهمة الرقابة، ولهذا كانت غلولا أي خيانة.
ثانيا:
لا يجوز الإعانة على الرشوة بوجه من الوجوه، لا بإعداد فواتيرها، ولا بصرف مالها، ولا بإيصاله إلى المرتشي.
فالواجب أن تمتنع من ذلك، وأن تنصح لجهة عملك، وأن تبين حرمة الرشوة وعظم إثمها.
ثم، إن أمكنك الاستمرار في العمل دون إعانة على شيء من ذلك: فلا حرج، وإلا لم يجز البقاء فيه.
وأبواب الرزق واسعة، ومن اتقى الله رزقه وكفاه. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً الطلاق/2-3 .
يسر الله أمرك وأعانك وأطاب مطعمك.
والله أعلم.
تعليق