الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

حكم عملها في القسم النسائي في جمعية إسلامية رئيسها لديه تجاوزات وتعد على أموال الجمعية

307619

تاريخ النشر : 21-12-2022

المشاهدات : 1101

السؤال

أعمل متطوعة دون راتب في جمعية في لجنة نسائية علمية من فترة طويلة، وهناك مشاكل في القسم الرجالي في الجمعية؛ بسبب سوء إدارة رئيسها، حيث سمعت عنه أخباراً سيئة، كالتدليس في الأنشطة الدعوية والتصرف في مال الزكاة بغير وجه حق وإعطاء أشخاص قد لا يستحقون من الموظفين بدوام جزئي في الجمعية ولهم وظائف أخرى، والمبالغة في طلب الدعم وقد حاول بعض أعضاء الإدارة نصحه دون جدوى، لذلك أصبحت ضائعة بين الانسحاب أو البقاء، رئيس الجمعية لا يقوم من فترة طويلة إلا بالقليل من النشاطات الدعوية ولا يشجع الدعوة بين الرجال حتى أصبح غير مفعل، لكنه يترك العمل النسائي على راحته، وهو ناجح ـ ولله الحمد ـ رغم قلة الدعم السؤال: هل إذا تابعت العمل يكون عليّ وزر أنّي أدعم المسؤول بأخذ راتب، مع إنه لا يعمل، وإنما يتحجج بعملنا نحن الفعّال في الدعوة، أو أني إذا تركت يكون عليّ وزر؛ لأني تركت ساحة للدعوة أجد نفسي مفيدة فيها لغيري؟ مع العلم أنّ هذا المركز هو الصرح الدعوي الوحيد في هذه المنطقة الذي يدعو على منهج أهل السنة والجماعة، مضى عليّ فترة، ولم أحزم أمري بعد بين دراسة المصالح والمفاسد لأي قرار وأي ناحية هي اتقى لقلبي وأرضى لربي، أتمنى توجيهي.

الجواب

الحمد لله.

إذا كان الأمر كما ذكرت من نجاح العمل النسائي وأهميته، وأنه لا يتأثر بحال المسئول عن الجمعية، فنرى أن تستمري فيه، وتبذلي ما تستطيعين من الخير، وتتعاوني مع أخواتك الصالحات في ذلك؛ فإن الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس من أشرف الأعمال وأجل القربات، كما قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/33

وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (2674).

وقال صلى الله عليه وسلم: (ِإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ) رواه الترمذي (2685) وصححه الألباني.

وأما كون عملك وعمل النساء معك يؤدي إلى أن المسئول يأخذ راتبا مع أنه لا يعمل، فهذا لا يضرك، وتبعة ذلك عليه وحده، مع أنه لا يتصور عدم قيامه بشيء من العمل ولو المتابعة والإشراف.

وهكذا كل عمل من أعمال الخير، لا يمكن القيام به إلا مع إمارةٍ، أو رئاسةٍ، أو إشرافٍ ممن فيه تقصير، أو بدعة، أو خلل في السلوك، أو عدم قيام بالأمانة على الوجه الواجب؛ فإن القيام به، ولو بإشراف أمثال هؤلاء: خير من تعطيل الخير بالكلية.

ولذلك كان من أصول أهل السنة والجماعة: الجهاد خلف كل بر وفاجر، وإقامة الجمعة والجماعة، ولو مع أئمة الجور، وخلف الإمام الفاسق، إذا لم يمكن إقامة الإمام العدل الصالح.

وقد روى البخاري في "صحيحه" (695)، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ:" أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، - وَهُوَ مَحْصُورٌ - فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ، وَنَتَحَرَّجُ؟ فَقَالَ:" الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ".

وإذا كان هذا في الصلاة خلف هؤلاء، ولصلاة المأموم تعلق بصلاتهم، وفي الباب كلام كثير للسلف؛ فكيف بالأعمال الإدارية، التي لا تتوقف صحتها في نفسها، ولا يتوقف نفعها على صلاح هؤلاء أو فسادهم؟! لا شك أن الأمر أوسع، وفعل الخير، مع توقي العامل في نفسه، لبدعتهم وشرهم ونقصهم: أوجب، وآكد.

ونسأل الله لكم التوفيق والتسديد والتيسير.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب