الحمد لله.
أولا:
من آداب القرآن الكريم أن لا يقرأ في الأماكن المستقذرة ، أو في أماكن قضاء الحاجة .
قال ابن كثير رحمه الله في "فضائل القرآن" (ص 149) :
"وأما القراءة فى الحش: فكراهتها ظاهره ، ولو قيل بتحريم ذلك، صيانةً لشرف القرآن: لكان مذهبا" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان آداب قراءة القرآن الكريم :
"ومن آدابها: أن لا يقرأ القرآن في الأماكن المستقذرة ، أو في مجمع لا يُنْصَت فيه لقراءته ، لأن قراءته في مثل ذلك إهانة له ، ولا يجوز أن يقرأ القرآن في بيت الخلاء ونحوه، مما أعد للتبول أو التغوط ، لأنه لا يليق بالقرآن الكريم" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (20/277) .
ثانيا:
هذا الحكم لا ينطبق على الغرفة التي بها مريض أو كبير في السن يبول في قنينة ، لأن هذه الغرفة لا يقال : إنها نجسة ، بل هي طاهرة ، والنجاسة محصورة في القنينة فقط .
وقد ثبت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له إناء يضعه عنده في غرفته ، يبول فيه إذا استيقظ من الليل ؛ وهذا يشبه القنينة المذكورة في السؤال :
روى أبو داود في "سننه" (24) ، والنسائي في "سننه" (32) ، وابن حبان في "صحيحه" (1426) ، والحاكم في "المستدرك" (594) ، من حديث حُكَيمَةَ بنتِ أُمَيمَةَ بنتُ رُقَيقة عن أُمِّها أنَّها قالت: " كان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدَحٌ من عَيْدانٍ تحتَ سَريرِهِ يبولُ فيه باللَّيل " .
والحديث حسنه النووي في "الإيجاز في شرح سنن أبي داود" (ص155) ، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (19) .
وينظر جواب السؤال رقم : (281198).
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله ، ويقرأ القرآن قبل نومه ، ويقرأ القرآن إذا استيقظ من النوم ، ويصلي في غرفته ، ولم يكن يمتنع من شيء من ذلك لأجل هذا الإناء.
ففرق بين المكان المعد للنجاسة كالخلاء وأماكن ذبح الحيوانات ، وبين المكان الطاهر الذي توجد فيه نجاسة عارضة .
فالأول هو الذي ينبغي عدم قراءة القرآن الكريم فيه ، وأما الثاني فوجود النجاسة العارضة لا يمنع قراءة القرآن .
وعلى هذا ، فلا حرج من تشغيل القرآن الكريم في هذه الغرفة .
والله أعلم .
تعليق