الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

شخص كلما سمع بموت إنسان تصدق عنه ولو بشيء قليل فهل هذا بدعة ؟

310986

تاريخ النشر : 07-09-2019

المشاهدات : 4542

السؤال

ما حكم شخص كلما سمع بوفاة شخص أخرج له صدقة ، ولو جنيه بنية نفع الميت بعد انقطاع عمله ، فهل يعتبر هذا من الأعمال البدعية ؛ حيث إنه لم يرد في الشرع شيء بهذا الخصوص ؟ أم تعد أمرا وعادة طيبة ؟

الجواب

الحمد لله.

الصدقة عن الميت يصله ثوابها بالإجماع؛ لما روى البخاري (1388) ، ومسلم (1004) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ:  نَعَمْ  ".

وروى البخاري (2756) عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ:  نَعَمْ  .

قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا ".

قال النووي رحمه الله في شرح حديث عائشة: " وفي هذا الحديث أن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها, وهو كذلك بإجماع العلماء.

وكذا أجمعوا على وصول الدعاء وقضاء الدين ، بالنصوص الواردة في الجميع " انتهى من "شرح مسلم للنووي".

وقال ابن قدامة رحمه الله : " وأي قربة فعلها , وجعل ثوابها للميت المسلم , نفعه ذلك , إن شاء الله .

أما الدعاء , والاستغفار ، والصدقة , وأداء الواجبات ، فلا أعلم فيه خلافا ، إذا كانت الواجبات ، مما يدخله النيابة " انتهى من " المغني " (2/226).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الصدقة عن الموتى ونحوها : تصل إليهم باتفاق المسلمين " انتهى من "جامع المسائل" (4/270) .

ولا فرق في ذلك بين القريب والبعيد؛ لعموم الأحاديث.

ويدل لذلك: ما روى البخاري (2295) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:  هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ ، قَالُوا: لاَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ:  هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:  صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ: أَبُو قَتَادَةَ عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ".

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد ذكر حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ  رواه مسلم (1631).

قال: " وهذا الحديث يراد به ما يتصدق به الميت في حياته، أو يوصي به بعد موته، لكن لا يمنع أن يكون من غيره أيضاً، كما في حديث عائشة السابق" انتهى من "فتاوى ابن عثيمين" رحمه الله (17/ 240).

وعليه :

فلا بدعة فيما يقوم به هذا الشخص، بل هو محسن مأجور إن شاء الله، ولا فرق بين هذا وبين من يسمع بموت الرجل فيدعو ويترحم له، أو يتحمل دينه، أو يعتمر عنه، فكل هذا من الإحسان للميت.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب