الأربعاء 24 جمادى الآخرة 1446 - 25 ديسمبر 2024
العربية

تخريج حديث : ( من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً )

320774

تاريخ النشر : 30-12-2019

المشاهدات : 115532

السؤال

لقد رأيت في فتواكم حيث قلتم إنّ الحديث الشهير بفضل سورة الواقعة ضعيف، ولكن لقد شعرت بالإرتباك عندما قال الإمام المحليّ أن الأحاديث ليست ضعيفة، وأن الناس هنا في بنغلاديش يمارسونها كل ليلة، أعطاني ثلاثة أحاديث عن فضلها . على سبيل المثال ، حديث" عن ابن مسعود أنه سمع رسول الله أنّه قال : ( من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً)، وابن مسعود كان يعلم هذه السورة لبناته أيضًا . رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ، ورواه أبو يعلى الذي سجّل هذا الحديث بسلسلة رواة جميعهم ثقات ، وأعلن الإمام الزيلعي أنّ سلسلة أبو يعلى أنّها جيدة . من فضلك زوّدني بأدلة صحيحة حول نقاط ضعف في هذا الحديث؟ هل هو ضعيف، أم ضعيف جدا أو موضوع؟ وهل التفضّل ببيان الأخطاء في هذا الحديث ، وإذا كان الحديث ضعيفاً أو ضعيفا جدا، فهل يجوز للناس أن يعملوا به؟

الجواب

الحمد لله.

حديث عبد الله بن مسعود:  مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا  ، قَالَ: وَقَدْ أَمَرْتُ بَنَاتِي أَنْ يَقْرَأْنَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ ".

أخرجه جمع من المصنفين؛ فرواه أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القران" (ص 257)، و الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (2 / 726)، ورواه الحارث بن أبي أسامة "" (2 / 729)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (680)، و البيهقي في "شعب الايمان" (4 / 119)، وغيرهم.

عن السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى الشَّيْبَانِيُّ، ثم اضطرب اسناده في اسم شيخه، واسم شيخ شيخه.

ففي رواية عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

وفي رواية السَّرِيِّ بْن يَحْيَى، أَنَّ شُجَاعًا، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وفي رواية عن السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، حدثنا شُجَاعٌ، عَنْ أَبِي طَيْبَةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ

وفي رواية عن السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ: أخبرنا شُجَاعُ، عن أَبِي فَاطِمَةَ قَالَ ابْن مَسْعُود.

فيتحصلّ:

أن شيخ السري اختلف فيه هل هو شجاع؟ أم هو أبو شجاع.

واختلف في الراوي عن ابن مسعود:

ففي رواية اسمه أبو طيبة، وفي رواية: أبو ظبية، وفي رواية: أبو فاطمة.

قال الشيخ وصي الله عباس:

" فإن كان شجاعا فهو مجهول، قال أحمد: لا أعرفه، وقال الذهبي: مجهول. "الميزان" (3 / 265).

وإن كان أبا شجاع؛ فهل هو سعيد بن يزيد، الثقة؟ أم المجهول، الذي قال فيه الذهبي: نكرة لا يعرف. "الميزان" (4 / 503).

وشيخ شجاع، هل هو أبو فاطمة؟ أم أبو طيبة؟ أم أبو ظبية؟

فإن كان أبا فاطمة؛ فإن كان الليثي فهو صحابي، وإلا فمجهول، وإن كان أبا طيبة، فهل هو عيسى بن سليمان؟ فروايته عن ابن مسعود منقطعة، أم غيره فإن كان غيره فهو مجهول كما قال الذهبي في "الميزان" (4 / 543).

وإن كان أبا ظبية فهو أيضا مجهول " انتهى. من تحقيقه لكتاب "فضائل الصحابة للإمام أحمد" (2 / 726).

ورجح الحافظ ابن حجر من هذا الخلاف، أن الحديث عن أبي طيبة، فيكون منقطعا لعدم سماعه من ابن مسعود.

قال ابن حجر رحمه الله تعالى:

" فقال بعضهم: عن شجاع، وبعضهم: عن أبي شجاع، والثاني هو المعتمد.

وجوز أبو الحسن بن القطان في "بيان ما في الأحكام": أنه سعيد بن يزيد الإسكندراني، وهو الذي رجح عندي بعد البحث الشديد.

واختلفوا في ضبط شيخه، فعند الأكثر أبو طيبة، وضبطه البيهقي بأبي ظبية، والأول المعتمد، وهو عيسى بن سليمان الجرجاني، كما جزم به ابن أبي حاتم.

ونقل ابن الجوزي عن الإمام أحمد أنه سئل عن أبي شجاع، وأبي طيبة في هذا الحديث فقال: لا أعرفهما...

والذي يترجح أن ضعفه بسبب الانقطاع، فإن أبا طيبة الجرجاني لم يدرك ابن مسعود، وأقل ما بينهما راويان، فيكون السند معضلا " انتهى من "نتائج الأفكار" (3 / 263 - 264).

وبهذا ضعفه الدارقطني رحمه الله تعالى، حيث قال:

" أبو طَيْبَة الجرجاني، اسمه عيسى بن سُلَيْمان، يَرْوي عن أبي إِسْحَاق السَّبِيعِيّ، وغيره، رَوَى عَنْه ابنه أحمد بن أبي طَيْبَة.

وله حديث مرسل، عن عَبد الله بن مَسْعود يرويه السري بن يَحْيى أبو الهَيْثَم، عن شجاع، عن أبي طَيْبَة، عن عَبد الله بن مَسْعود... " انتهى من " المؤتَلِف والمختَلِف" (3 / 1475).

ومن أهل العلم من أضاف إلى سبب ضعفه، نكارة متنه كالإمام أحمد رحمه الله تعالى.

جاء في "المنتخب من علل الخلال" لابن قدامة (ص 116):

" قال أحمد: هذا حديث منكر.

وقال: السري بن يحيى ثبت، ثقة ثقة، وشجاع الذي روى عنه السري لا أعرفه، وأبو طيبة هذا لا أعرفه، والحديث منكر " انتهى.

والزيلعي لم يخرج اجتهاده عن اجتهاد هؤلاء الأئمة، فنص على ضعف الحديث أيضا؛ حيث قال رحمه الله تعالى:

" فقد تبين ضعف هذا الحديث من وجوه:

أحدها: الانقطاع، كما ذكره الدارقطني، وابن أبي حاتم في "علله" نقلا عن أبيه.

والثاني: نكارة متنه، كما قال أحمد.

والثالث: ضعف رواته، كما ذكره ابن الجوزي.

والرابع: الاضطراب، فمنهم من يقول: أبو طيبة ... كما ذكره الدارقطني، ومنهم من يقول: أبو ظبية، ومنهم من يقول: أبو فاطمة كما ذكرهما البيهقي، ومنهم من يقول: أبو شجاع، ومنهم من يقول: عن أبي شجاع (الظاهر عن شجاع).

وقد اجتمع على ضعفه الإمام أحمد، وأبو حاتم، وابنه، والدارقطني، والبيهقي، وابن الجوزي تلويحا وتصريحا، والله أعلم " انتهى من "تخريج أحاديث الكشاف" (3 / 413).

فالحاصل؛ أن هذا الحديث ضعيف، لا يصح العمل به.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب