الخميس 25 جمادى الآخرة 1446 - 26 ديسمبر 2024
العربية

متى يكون التكبير في جلسة الاستراحة في حق الإمام والمنفرد؟

320825

تاريخ النشر : 27-06-2021

المشاهدات : 7434

السؤال

عند الإتيان بجلسة الإستراحة قبل الوقوف إلى الركعة الثانية أو الرابعة هل يكبر المصلي قبل الجلسة أي عند النهوض من السجود، أم بعد الجلسة عند النهوض إلى الركعة؟ هناك بعض المصلين الذين لا يأتون بجلسة الإستراحة فكيف يفعل الإمام حتى لا يُسبق في النهوض إلى الركعة، وهذا في حال إن كان كبّر قبل الإتيان بالجلسة؟

ملخص الجواب

الأظهر في موضع التكبير لجلسة الاستراحة أنه يكون عند الرفع من السجود، وينتهي بجلسة الاستراحة، ثم ينهض بلا تكبير. وأما الإمام؛ فإنه إن خاف التباس الأمر على المأمومين، ومسابقتهم له، لا سيما إن كان فيهم من يصلي خارج المسجد، ويعتمد على مكبر الصوت، فإنه يجلس الاستراحة بلا تكبير، ثم يكبر إذا نهض قائما.

الحمد لله.

أولا:

متى يكبر المصلي إذا جلس جلسة الاستراحة؟

جلسة الاستراحة مختلف فيها، والأصح أنها مسنونة مطلقا.

وإذا سجد المصلي السجدة الثانية، رفع مكبرا، فيجلس للاستراحة، ثم ينهض بعدها بلا تكبير.

هذا الأظهر، كما في حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ " رواه البخاري (789)، ومسلم (392).

والشاهد منه قوله: (ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا).

وقد ورد الأمر بذلك، مع التصريح بذكر جلسة الاستراحة، في بعض روايات حديث المسيء صلاته؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فذكر الحديث، وفيه: 

 إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، فِي الأَخِيرِ: «حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا  رواه البخاري (6251).

وفي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي حكاها وهو في عشرة من الصحابة: (ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ) رواه أبو داود (730) وصححه الألباني.

فذكر التكبير حين يرفع رأسه، ولم يذكر تكبيرا بعد جلسة الاستراحة، وقد حكي الإجماع أنه لا يكبر مرتين.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/ 381): " يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه من السجود، وانتهاؤه عند اعتداله قائما، ليكون مستوعبا بالتكبير جميع الركن المشروع فيه، وعلى هذا بقية التكبيرات، إلا من جلس جلسة الاستراحة، فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه، ثم ينهض للقيام بغير تكبير. وقال أبو الخطاب: ينهض مكبرا. وليس بصحيح؛ فإنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه" انتهى.

وقال المرداوي في "الإنصاف" (2/ 72): "إذا جلس للاستراحة: فيقوم بلا تكبير، على الصحيح من المذهب، ويكفيه تكبيره حين رفعه من السجود.

وقيل: ينهض مكبرا، وقاله أبو الخطاب، وهو من المفردات، ورده الشارح وغيره، وحكاه المجد إجماعا" انتهى.

وجمهور الشافعية على أنه يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ويمد التكبير حتى يستوي قائما، ويجلس جلسة الاستراحة فيما بين ذلك.

ولهم وجه موافق للحنابلة، أنه ينهض بعد الاستراحة بلا تكبير.

ووجه ثالث: أنه يبدأ التكبير في جلسته، ثم ينهض مكبرا. 

قال النووي رحمه الله: " وفي التكبير ثلاثة أوجه، حكاها البغوي والمتولي وصاحب البيان وآخرون:

(أصحها) عند الجمهور، وبه قطع المصنف هنا وفي التنبيه، ونقله أبو حامد عن نص الشافعي: أنه يرفع مكبرا، ويمده إلى أن يستوي قائما، ويخفف الجلسة. ودليله ما ذكره المصنف والأصحاب أن لا يخلو جزء من الصلاة عن ذكر.

(الثاني) يرفع غير مكبر، ويبدأ بالتكبير جالسا، ويمده إلى أن يقوم.

(الثالث) يرفع مكبرا، فإذا جلس قطعه، ثم يقوم بلا تكبير. نقله أبو حامد عن أبي اسحق المروزي، وقطع به القاضي أبو الطيب.

قال أصحابنا: ولا خلاف أنه لا يأتي بتكبيرتين، ممن صرح بذلك القاضي حسين والبغوي" انتهى من "المجموع" (3/ 441).

وقد اعترض الحافظ ابن حجر رحمه الله على استنباط مد التكبير إلى القيام من السنة. قال، كما في "التلخيص الحبير" (1/ 259): "... ويحتاج دعوى استحباب مده إلى دليل والأصل خلافه " انتهى.

وينظر ما سبق في جواب السؤال رقم : (343541) .

ثانيا:

متى يكبّر الإمام إذا جلس جلسة الاستراحة وخاف التباس الأمر على المصلين؟

ينبغي أن ينبه الإمام المأمومين، ويعلمهم السنة، وأنه يجلس للاستراحة، ثم ينهض بلا تكبير، فلا يلتبس عليهم الأمر.

فإذا خشي أن بعض المأمومين لن يجلس للاستراحة، أو لن ينتبه إلى جلوس الإمام، وينهض بمجرد التكبير؛ فالذي يظهر هنا أنه لا يكبر عند رفعه من السجود، بل يكبر في جلسته، وقد سبق ذكر ذلك الوجه في التكبير عن الشافعية. واختار ذلك الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، رحمهما الله.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ثم ينهض إلى الثانية مكبرا قائلا: الله أكبر. من حين ينهض من سجوده جالسا جلسة الاستراحة، أو حين يفرغ من سجوده، ينهض يقول: الله أكبر.

فإن بدأ بالتكبير جلس، فينبه الجماعة ألا يسبقوه، حتى يجلسوها ويأتوا بهذه السنة.

وإن جلسها قبل أن يكبر، ثم رفع بالتكبير: فلا بأس. 

المهم أن هذه جلسة مستحبة وليست واجبة، فإن أتى بالتكبير قبلها، وجّه المأمومين حتى لا يسبقوه في جلوسها، وإن جلس أولاً، ثم رفع بالتكبير: فلا حاجة إلى التوجيه؛ إلا من باب التعليم بالسنة" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (11/ 39).

وسئل رحمه الله: "متى يقول: الله أكبر، عند السجدة الأخيرة إن كان إماما؟ هل هو عندما يرفع رأسه من السجود، أو عندما يقوم من الاستراحة القصيرة إذا صحت عندكم؟ حيث إنه إذا كبر عندما يرفع رأسه ويقعد فسيقوم المأمومون على سماع صوته، أفيدونا جزاكم الله خيرا.

فأجاب: الأقرب - والله أعلم - أنه يفعل ذلك عند قيامه من الجلسة، إذا قام من الجلسة كبر، حتى يقوم الناس بعده، وحتى لا يسابقوه، يجلس قليلا ثم ينهض مكبرا" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 331).

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "متى يكبر الإمام إذا كان جالساً للاستراحة، هل في حال الجلوس، أم إذا شرع في القيام؟

فأجاب: إذا شرع في النهوض من السجود, يكبر؛ ولو جلس.

إذا كان إماماً، هذا ربما نقول: يرجح أن يكون تكبيره إذا قام. 

وإذا كنت مؤتماً إذا جلس الإمام للاستراحة اجلس معه، وإن كنت لا ترى هذه الجلسة، فحينئذٍ يكون التكبير أول ما ينهض من السجود" انتهى من "اللقاء المفتوح" (208/ 19).

والحاصل:

أن الأظهر هو التكبير عند الرفع من السجود، وينتهي بجلسة الاستراحة، ثم ينهض بلا تكبير. وأما الإمام؛ فإنه إن خاف التباس الأمر على المأمومين، ومسابقتهم له، لا سيما إن كان فيهم من يصلي خارج المسجد، ويعتمد على مكبر الصوت، فإنه يجلس الاستراحة بلا تكبير، ثم يكبر إذا نهض قائما.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب