الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

عقيدة الإمام البخاري رحمه الله

321216

تاريخ النشر : 24-12-2019

المشاهدات : 24088

السؤال

ما هي عقيدة الإمام البخاري رحمه الله تعالى ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

عقيدة الإمام البخاري رحمه الله هي عقيدة السلف الصالح القائمة على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.

وهذا يُعلم من كتبه كصحيح البخاري، وخلق أفعال العباد، ومجمل الاعتقاد الذي رواه عنه اللالكائي وغيره.

1-فالبخاري رحمه الله يقرر أن الإيمان قول وعمل، وينابذ المرجئة والجهمية.

2-ويثبت الصفات على ظاهرها، ومنها العلو، والوجه، واليدان، والكلام، والصوت.

3-ويثبت الأفعال الاختيارية، ويفرق بين الفعل والمفعول.

4-ويؤمن بالقدر، ويعظم الصحابة، ويحذر من البدع، ويأمر بلزوم الجماعة، ويحرم الخروج على الأئمة.

فهو سائر في اعتقاده على ما كان عليه شيوخه ومن قبلهم من الأئمة، كأحمد وإسحاق وأبي نعيم الفضل بن دكين وأبي عبيد.

ومما جاء في جزء الاعتقاد:

قال البخاري رحمه الله: "لَقيتُ أكثر من أَلْفِ رَجُلٍ من أهل العِلْم: أهل الحجاز، ومكة، والمدينة، والكوفة، والبصرة، وواسِط، وبَغْداد، والشام، ومِصْر، لقيتُهم كَرّاتٍ، قَرْنًا بعد قرنٍ، ثم قرنًا بعد قرن، أدركتُهم وهم متوافرون منذُ أكثر من ستٍّ وأربعين سنة، أهل الشام ومِصْر والجزيرة مرتين، والبَصْرة أربع مراتٍ في سنين ذوي عَدَدٍ، وبالحجاز ستة أعوام.

ولا أُحصي كم دخلتُ الكُوفة وبَغْداد مع محدِّثي أهلِ خُراسان...

فما رأيتُ واحدًا منهم يختلف في هذه الأشياء:

أن الدِّين قولٌ وفعلٌ، وذلك لقول الله: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ). البينة /5 .

وأنَّ القرآنَ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، لقوله: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ)الأعراف/54 .

وأنَّ الخيرَ والشرَّ بقَدَرٍ، لقوله: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)) الفلق/1-2، ولقوله: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) الصافات/96، ولقوله: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)) القمر/49.

 ولم يكونوا يكفِّرونَ أَحَدًا من أهل القِبْلةِ بالذَّنْبِ، لقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء/48.

 وما رأيتُ فيهم أَحَدًا يتناول أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم، قالت عائشةُ: أُمِروا أن يَسْتَغْفِروا لهم. وذلك قولُه: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)).الحشر/59.

 وكانوا يَنهونَ عن البِدَعِ: ما لم يَكُنْ عليهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه، لقوله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) آل عمران /103، ولقوله: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) النور/54.

ويحثُّونَ على ما كان عليهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأتباعُه، لقوله: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)) الأنعام/153

وأن لا يُنازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ثَلاثٌ لا يُغَلُّ عليهنَّ قَلْبُ امرىءٍ مُسْلِمٍ: إخلاصُ العملِ لله، وطاعةُ وُلاةِ الأَمْرِ، ولزومُ جماعَتِهِم، فإنَّ دَعْوَتَهمْ تُحيطُ مِنْ وَرائهم. ثُمَّ أَكَّدَ في قوله: (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)النساء/59.

 وأن لا يَرَى السَّيْفَ على أمة محمد صلى الله عليه وسلم" انتهى مختصرا، من نسخة محققة من هذا الاعتقاد، تنظر هنا:

https://www.alukah.net/library/0/41091/#ixzz61zcimgHL

ثانيا:

جوَّد الإمام البخاري رحمه الله الرد على الجهمية والمعطلة، وقرر ذلك في "كتاب التوحيد والرد على الجهمية" من صحيحه.

فمن ذلك: قوله رحمه الله: "باب (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) قال أبو العالية (اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) ارتفع ، (فَسَوَّاهُنَّ ) خلقهن . وقال مجاهد (اسْتَوَى) علا على العرش".

وقال: "باب قول الله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)... باب قول الله تعالى (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)... باب قول الله تعالى (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)... باب قول الله تعالى (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) وقوله جل ذكره (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) .

وقال أبو جمرة عن ابن عباس : بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لأخيه: اعلم لي علم هذا الرجل الذى يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء .

وقال مجاهد: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب ، يقال ذي المعارج الملائكة تعرج إلى الله ...

باب قول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا)...

باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة.

.. باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم...

باب قول الله تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) و(مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) ، وقوله تعالى (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) ، وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين ، لقوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) . وقال ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يُحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة ) " انتهى.

وفي ذلك إثبات الصفات الخبرية، والأفعال الاختيارية، مخالفا للجهمية والكلابية والأشعرية.

ثالثا:

وقال رحمه الله في "خلق أفعال العباد"، في إثبات الصوت لله: "وأن الله عز وجل ينادي بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعه من قرب ، فليس هذا لغير الله جل ذكره.

قال أبو عبد الله: وفي هذا دليل على أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق؛ لأن صوته جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب وأن الملائكة يصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يَصعقوا" انتهى من صفحة 98.

وقال في "الفرق بين الفعل والمفعول"، ص113: " وكذلك تؤدي جميع لغات الخلق من غير اختلاف بينهم، وإنما هو الفاعل والفعل والمفعول، فالفعل صفة والمفعول غيره، وبيان ذلك في قوله تعالى: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) ، ولم يُرد بخلق السموات : نفسَها ، وقد ميز فعل السماوات ، من السماوات ، وكذلك فعل جملة الخلق، وقوله: (وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) [الكهف: 51] ، وقد ميز الفعل والنفس، ولم يصر فعله خلقا...

واختلف الناس في الفاعل والمفعول والفعل، فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر، ليست من الله، وقالت الجبرية: الأفاعيل كلها من الله، وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد، لذلك قالوا: لكن مخلوق، وقال أهل العلم: التخليق فعل الله، وأفاعيلنا مخلوقة لقوله تعالى: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) [الملك: 13-14] ، يعني السر والجهر من القول، ففعل الله صفة الله، والمفعول غيره من الخلق" انتهى.

وقال في إثبات الفعل الاختياري، ص85: " ولقد بين نعيم بن حماد أن كلام الرب ليس بخلق، وأن العرب لا تعرف الحي من الميت إلا بالفعل، فمن كان له فعل ، فهو حي . ومن لم يكن له فعل ، فهو ميت، وأن أفعال العباد مخلوقة.

فضُيق عليه ، حتى مضى لسبيله، وتوجع أهل العلم لما نزل به.

وفي اتفاق المسلمين : دليل على أن نعيما ، ومن نحا نحوه : ليس بمفارق ، ولا مبتدع، بل البدع والرئيس بالجهل ، بغيرهم أولى، إذ يفتون بالآراء المختلفة، مما لم يأذن به الله" انتهى.

رابعا:

زعم بعض المعاصرين أن البخاري رحمه الله يؤول صفة الضحك والوجه، وليس ذلك بصحيح، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (226876) .

والحاصل :

أن البخاري رحمه الله إمام سلفي يقرر عقيدة السلف، وينابذ الجهمية والمعطلة والقدرية وغيرهم من أهل الضلال.

وقد ذكرنا ترجمة مختصرة له في جواب السؤال رقم:(33610).

وننصح بسماع هذه المادة بشأن عقيدة الإمام البخاري، للشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله :

https://ar.islamway.net/lesson/164087/

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب