الحمد لله.
الرقية ليست من باب التوقيف
الرقية ليست من باب التوقيف، فتجوز بكل دعاء مباح؛ لما روى مسلم (2200) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ ، قَالَ : " كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ! كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ .
ويعوّل فيها على التجربة، لأنها علاج، كالتداوي، وقد ثبت بالتجربة أن أخذ أثر من العائن اتصل بدنه، ثم وضعه في الماء، واستعمال المعيون له، أن ذلك ينفع.
ومن ذلك القراءة على الماء والزيت وعلى بدن المريض، كل ذلك ينفع بإذن الله . ومستنده ما تقدم من أن الرقية ليست توقيفية، وأنها تعتمد على التجربة.
قال ابن مفلح رحمه الله: "وكان الشيخ تقي الدين رحمه الله [يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية] يكتب على جبهة الراعف [الذي أصابه نزيف من الأنف]: (وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ) .
قال: ولا يجوز كتابتها بدم كما يفعله الجهال، فإن الدم نجس، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله" انتهى من " الآداب الشرعية " (2/ 442).
سماع الرقية من المسجل والخلاف في ذلك
وأما الرقية من التسجيل فقد نقلنا منعها من فتاوى اللجنة الدائمة، في جواب السؤال رقم : (223505) ، وفيه التعليل بأنه خلاف الأصل الشرعي ، وأنه محدث لا يجوز شرعا.
والظاهر أن الوصف بأنه محدث : وصف كاشف، غير مؤثر في الحكم.
وإنما يمنع من ذلك : لأن الرقية تحتاج إلى اعتقاد ونية ، حال أدائها، ومباشرة للنفث على المريض، وذلك غير متحقق في التسجيل، وقد جاء التعليل بذلك في فتوى أخرى من فتاوى اللجنة، وقد نقلناها في جواب السؤال رقم : (11109) .
وقد يقال: إنّ من سجّل الرقية قد نوى، والنفث على المريض ليس شرطا، وقد ثبت بالتجربة الانتفاع بالرقية المسجلة، فلا حرج حينئذ؛ عملا بالأصل المتقدم ، وهو كون الرقية يعوّل فيها على التجربة، فهذا قول قوي.
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم : (132384) أن سماع الرقية المسجلة "نافع إن شاء الله تعالى ، وقد استفاد بها كثيرون ، وإن كان الأفضل أن يقرأ الإنسان القرآن بنفسه ، أو يقرأ عليه غيره .وقد أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : بأن قراءة سورة البقرة من الراديو يحصل بها طرد الشيطان من البيت ."مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (24/413)".
والله أعلم.
تعليق