السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم قول بعضهم لشخص قدم له خدمة : الله في السماء وأنت في الأرض؟

334304

تاريخ النشر : 08-12-2021

المشاهدات : 10972

السؤال

يوجد بعض الناس يقولون جملة عندما يريدون قضاء حاجة عند الناس مثلا، ويكون هذا الشخص له مكانة عند الناس فيقولون :(ربي في السماء، وأنت في الأرض)، فهذه العبارة استنكرت منها وجه المقارنة بين الله تبارك وتعالى مع خلقه، فما هو حكم هذه الجملة؟

ملخص الجواب

قول البعض:(ربي في السماء، وأنت في الأرض) لشخص يقدم له خدمة، هذه العبارة: منكرة، فالله سبحانه هو المنفرد بالأمر والتدبير في السماء وفي الأرض، والألوهية والربوبية، في السماء وفي الأرض. والمخلوق عاجز، لا ينفع نفسه فضلا عن غيره إلا أن يعينه الله على ذلك. وفي العبارة تسوية قبيحة، واعتماد على المخلوق. فينبغي الإنكار على من يقول ذلك ، وأن يقال له: الله أعظم من أن تقرن به المخلوق فضلا عن أن تقارنه أو تقابله به. وينظر للأهمية تفصيل الحكم في الجواب المطول

الجواب

الحمد لله.

هذه عبارة منكرة، فالله سبحانه هو المنفرد بالأمر والتدبير في السماء وفي الأرض، والألوهية والربوبية، في السماء وفي الأرض؛ قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ الزخرف/84.

والمخلوق عاجز، لا ينفع نفسه فضلا عن غيره إلا أن يعينه الله على ذلك.

قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ الأعراف/188.

وفي العبارة تسوية قبيحة، واعتماد على المخلوق.

وقد تنازع أهل العلم في قول الإنسان توكلت على الله ثم عليك، فكيف وهو يقول له: الله في السماء وأنت في الأرض!

سئل الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله: " هل يصح أن يقال توكلت على الله ثم عليك؟

فأجاب: أن هذا لا يصلح؛ لأن الإمام أحمد وغيره من الأئمة صرحوا بأن التوكل عمل القلب.

ما معنى التوكل؟ هو تفويض الأمر إلى الله جل وعلا بعد بذل السبب؛ إذا بذل السبب فوض العبد أمره إلى الله، فصار مجموع بذله للسبب وتفويضه أمره لله مجموعهما التوكل، ومعلوم أن هذا عمل القلب كما قال الإمام أحمد.

ولهذا سئل الشيخ محمد بن ابراهيم مفتي الديار السعودية السابق رحمه الله تعالى عن هذه العبارة فقال: لا تصح لأن التوكل عمل القلب، لا يقبل لأن يقال فيه (ثم)؛ توكلت على الله ثم عليك. إنما الذي يقال فيه (ثم) ما يسوغ أن يُنسب للبشر.

بعض أهل العلم في وقتنا قالوا: إن هذه العبارة لا بأس بها؛ توكلت على الله ثم عليك؛ ولا يُنظر فيها إلى أصل معناها وما يكون من التوكل في القلب، إنما ينظر فيها إلى أن العامة حينما تستعملها ما تريد التوكل الذي يعلمه العلماء، وإنما تريد مثل معنى اعتمدت عليك، ومثل وكلتك ونحو ذلك، فسهلوا فيها باعتبار ما يجول في خاطر العامة من معناها، وأنهم لا يعنون التوكل الذي هو لله؛ لا يصلح إلا لله، لكن مع ذلك فالأولى المنع لأن هذا الباب ينبغي أن يُسد، ولو فتح باب أنه يستسهل في الألفاظ لأجل مراد العامة، فإنه يأتي من يقول مثلا ألفاظ شركية ويقول أنا لا أقصد بها كذا، مثل الذين يظهر ويكثر على لسانهم الحلف بغير الله بالنبي أو ببعض الأولياء أو نحو ذلك يقولون لا نقصد حقيقة الحلف، ينبغي وصف ما يتعلق بالتوحيد، وربما ما يكون قد يخدشه أو يضعفه، ينبغي وصد الباب أمامه حتى تخلص القلوب والألسنة لله وحده لا شريك له" انتهى من "شرح كتاب ثلاثة الأصول" للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله.

وقد صح النهي عن قول الإنسان: ما شاء الله وشئت، أو: ما شاء الله وشاء فلان.

روى أحمد (3247) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاجِعُهُ الْكَلَامَ، فَقَالَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ: جَعَلْتَنِي لِلَّهِ عَدْلًا، مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ  وصححه محققو المسند.

وروى أحمد (23265)، وأبو داود (4980) عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ  وصححه الألباني.

قال الخطابي رحمه الله: " وذلك أن الواو حرف الجمع والتشريك، وثُم حرف النسق بشرط التراخي، فأرشدهم إلى الأدب في تقديم مشيئة الله سبحانه على مشيئة من سواه" انتهى من "معالم السنن" (4/ 131).

وقال الشيخ حامد بن محمد بن حسين، رحمه الله:

" اعلم أن الشرك نوعان: خفي ، وظاهر.

والثاني : قولي، وفعلي.

وكل منهما : أصغر، وأكبر.

فأما الخفي : فكيسير الرياء، والسمعة ...

وأما القولي الأصغر: كالحلف ...

ومنه قول القائل: "ما شاء الله وشئت" ، وقوله: "لولا الله وفلان" ، "أعوذ بالله وبك"، "لولا البط في الدار لأتانا اللصوص"، "وأنا في حسب الله وحسبك"، "وذا من بركة الله وبركتك"، "ولي الله في السماء وأنت في الأرض" ؛ وأمثال ذلك من الأقوال التي يجمع فيها بين الله وخلقه بالواو ؛ وذلك لأن حرف الواو تفيد الجمعية ، تقول: جاء زيد وعمرو، أي جميعاً معاً " انتهى من "فتح الله الحميد في "شرح كتاب التوحيد" (42).

فينبغي الإنكار على من يقول ذلك ، وأن يقال له: الله أعظم من أن تقرن به المخلوق فضلا عن أن تقارنه أو تقابله به.

والله أعلم.


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب