الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

ما صحة حديث : ( فَاقْتُلُوا الْمُعِينَة مِنَ الْكِلَابِ ؛ فَإِنَّهَا الْمَلْعُونَةُ مِنَ الْجِنِّ )؟

334876

تاريخ النشر : 22-12-2021

المشاهدات : 13331

السؤال

في حديث ابن عباس: ( لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتل كل أسود بهيم، فاقتلوا المعينة من الكلاب فإنها الملعونة من الجن)الحديث أخرجه الهيثمى فى "مجمع الزوائد" (4/43)، أريد معنى كلمة: "المعينة"، وشرح الحديث.

الحمد لله.

أولا:

حديث : لولا أن الكلاب أمة من الأمم 

جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ ، لَأَمَرْتُ بِقَتْلِ كُلِّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ ، فَاقْتُلُوا الْمُعِينَة مِنَ الْكِلَابِ ؛ فَإِنَّهَا الْمَلْعُونَةُ مِنَ الْجِنِّ .

أخرج هذا الحديث باللفظ المذكور: أبو يعلى في "معجمه"(ص: 183)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/349)، وفي "المعجم الأوسط"(3/136) وقال: " لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عُمَارَةَ إِلَّا عَبْدُ الْمَلِكِ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ".

كما رواه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (12/175).

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/43) وقال: " رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير، والأوسط، وإسناده حسن" انتهى.

والذي يظهر: أن الحديث بهذا اللفظ ؛ ضعيف ؛ لأن مداره على عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبى بكرة الثقفى البصرى، وهو مجهول الحال. 

قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (6/393): " قال ابن القطان: حاله مجهولة " انتهى. 

ولذلك ضعفه الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" (13/132)، وذكر بأن قول الهيثمي إسناده حسن ليس حسنًا!

هذا وقد صح الحديث بلفظ آخر ، وهو : لَوْلاَ أَنَّ الكِلاَبَ أمَّةٌ مِنَ الأمَمِ لأمَرْتُ بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا كُلَّ أسْوَدَ بَهِيمٍ رواه الترمذي(1486)، وصححه، وأبو داود(2845)، والنسائي(4280)، وابن ماجه (3205)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

ثانيًا:

معنى : فاقتلوا المعينة من الكلاب فإنها المعلونة من الجن

أما معنى قوله:  فَاقْتُلُوا الْمُعِينَة مِنَ الْكِلَابِ ؛ فَإِنَّهَا الْمَلْعُونَةُ مِنَ الْجِنِّ ؛ فقد جاء في "النهاية" لابن الأثير(3/333):

العِين: جَمْعُ عَيْنَاء، وَهِيَ الواسِعة العَيْن.

والرَّجُل أَعْيَن. وَأَصْلُ جَمْعِها بِضَمِّ الْعَيْنِ، فكُسِرَتْ لِأَجْلِ الْيَاءِ، كأبْيَض وبِيض.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: " أمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقَتْل الكِلاب العِين" هِيَ جَمْعُ أَعْيَن. انتهى.

وبناء على هذا، يكون معنى العينة: صاحبة العين الواسعة.

كما جاء في "النهاية" لابن الأثير (1/453) : " وَقَالَ ابْنُ المُسَيّب : الحِنّ الْكِلَابُ السُّود المُعِينة " انتهى.

وجاء في "التعليق على الموطأ وتفسير لغاته"، للوقشي (2/372): " قَال عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ: "الحِنُّ: الكِلابُ المَعيّنة، قَال القُتَبِيُّ: المُعينةُ: هِيَ التِي يُرى فوق عَينَيهَا كالعُيُوْنِ، وأَكْثَرُ مَا يَكُوْنُ ذلِكَ في السُّوْدِ.

وَقَال ابنُ عَبَّاسٍ: الجِنُّ السَّوْدُ مِنَ الكِلابِ. والحِنُّ -بِحَاءٍ مِهْمَلَة - البُقْعُ مِنْهَا.

وقِيلَ: الحِنُّ: سَفَلَةُ الجِنِّ، ذَكَرَهُ المُطَرِّز. قَال الخَلِيلُ : الحِنُّ: حَيٌّ مِنَ الجِنِّ، يُقَالُ: مِنْهُم الكِلابُ السُّوْدُ البُهْمُ، يُقَالُ: كَلْبٌ حِنِّيٌّ" انتهى.

وقال ابن منظور في "لسان العرب"(13/132): " قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الحِنُّ الكلابُ السُّود المُعينة. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الكِلابُ مِنَ الحِنِّ، وَهِيَ ضَعَفَةُ الجِنِّ، فَإِذَا غَشِيَتْكُم عِنْدَ طَعامِكم فأَلْقُوا لَهُنَّ ، فإِنَّ لَهُنَّ أَنْفُسًا" انتهى.

وينظر: "المجموع المغيث" لأبي موسى المديني (1/514).

وقوله: ( فإن لهن أنفسا ): يدل على أن المراد بـ( المُعِينة ): التي تصيب الناس بعينها، على وجه الحسد . قال الفتني، رحمه الله: "جمع نفس؛ أي أنها: تصيب بأعينها." انتهى من "مجمع بحار الأنوار"(1/596).

ولم يثبت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد أصحابه.

وعلى كلٍ: فالحديث ضعيف؛ لا يحتج به. وقد سبق الكلام عن حكم قتل الكلاب في جواب سؤال: (حكم قتل الكلب الأسود البهيم)، وانظر أيضاً جواب السؤال رقم: (171806).  

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب