الحمد لله.
أما أنه يقطع صلاة المرء مرور المرأة والحمار والكلب بين يديه : فصحيح .
عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قلت يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر قال يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال الكلب الأسود شيطان " . رواه مسلم ( 510 ) .
ومؤخرة الرحل : ذراع أو ثلثا ذراع .
ولكن هذا الحكم خاص بمرور هؤلاء أمام الإمام أو المنفرد ، وليس إذا كان مرورهم بين صفوف المأمومين وهم وراء الإمام أثناء صلاة الجماعة كما ظنت الأخت السائلة .
والدليل على ما تقدم ما جاء عن عبد الله بن عباس أنه قال : أقبلتُ راكباً على حمارٍ أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم يُنكر ذلك عليَّ أحدٌ . رواه البخاري ( 471 ) ومسلم ( 504 ) .
والحديث : بوَّب عليه الإمام البخاري " سترة الإمام سترة مَن خلفه " ، ودلالته واضحة على المقصود وهو أنه لا يجب على المأموم اتخاذ سترة ، فلا يهم ما يمر أمامه ، وخاصة أن ابن عباس مرَّ بحمارة له وهي مما يقطع الصلاة لو كان المرور أمام الإمام أو المنفرد .
قال ابن عبد البر :
في هذا الحديث - أي : قوله صلى الله عليه وسلم في البخاري ( 487 ) ومسلم ( 505 ) من حديث أبي سعيد الخدري " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان " - كراهية المرور بين يدي المصلي إذا كان وحده وصلى إلى غير سترة . وكذلك حكم الإمام إذا صلى إلى غير سترة ، وأما المأموم : فلا يضره مَن مر بين يديه كما أن الإمام والمنفرد لا يضر أحداً منهما ما مرَّ من وراء سترة الإمام ، وسترة الإمام سترة لمن خلفه .
وإنما قلنا إن هذا في الإمام وفي المنفرد لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا كان أحدكم يصلي " ومعناه عند أهل العلم : يصلي وحده ، بدليل حديث ابن عباس وبذلك قلنا إن المأموم ليس عليه أن يدفع من يمر بين يديه لأن ابن عباس قال : " أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحدٌ " . " التمهيد " ( 4 / 187 )
وعليه : فليس على الأخت السائلة ولا غيرها أن تدفع من مرَّ مِن أمامها إن كانت مأمومة ، وليس على من مرَّ من حرج إذا مرّ لحاجة ، وإنما الدفع والمنع يكون من الإمام والمنفرد لمن أراد أن يمر بينهما وبين سترتهما ، والله أعلم.
تعليق