الحمد لله.
أولا:
الطريقة الصحيحة لبيع الذهب وشراء ذهب آخر بدلاً منه
من باع ذهبا بنقود، وأراد أن يشتري ذهبا آخر، فإنه يلزم أن يستلم النقود أولا، ثم يشتري بعد ذلك ما يريد، ولا يكتفي بحسابها وتركها في ذمة البائع؛ لاشتراط التقابض، ولمنع التحايل على بيع ذهب مستعمل بجديد مع التفاضل.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 466): " س1: مضمونه: أنه يحضر إليه شخص معه ذهب مستعمل، فيشتريه منه، وتعرف قيمته بالريالات، وقبل دفع القيمة في المكان والزمان، يشتري منه البائع له الذهب المستعمل ذهبا جديدا، أو تعرف قيمته، ويدفع المشتري الباقي عليه، فهل هذا جائز أم إنه لا بد من تسليم قيمة الأول كاملة إلى البائع، ثم يسلم البائع قيمة ما اشتراه من ذهب جديد من تلك النقود أو من غيرها؟
ج1: في مثل هذه الحالة يجب دفع قيمة الذهب المستعمل، ثم البائع بعد قبض القيمة بالخيار: إن شاء يشتري ممن باع عليه ذهبا جديدا أو من غيره، وإن اشترى منه أعاد عليه نقوده أو غيرها قيمة للجديد، حتى لا يقع المسلم في الربا المحرم في بيع رديء الجنس الربوي، بجيده، متفاضلا؛ لما روى البخاري ومسلم رحمهما الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجاءه بتمر جنيب -جيد- فقال: "أكل تمر خيبر هكذا؟ " قال: لا، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تفعل، بع الجمع -أي: التمر الذي أقل من ذلك- بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا .
عبد الله بن قعود... عبد الله بن غديان... عبد الرزاق عفيفي... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
ثانيا:
حكم من اشترى ذهبا ثم أراد أن يرجعه ويشتري غيره
من اشترى ذهبا، ثم بدا له أن يشتري غيره، سواء كان أكثر وزنا أولا، فإنه يفسخ البيع الأول برضا البائع، وهذا ما يسمى الإقالة، ويأخذ نقوده، ثم يشتري بها ما يريد.
ويجوز أن يبقي النقود في ذمة البائع، ثم يشتري بها الذهب الجديد.
وذلك لأمرين:
1- أن الفسخ لا يشترط فيه القبض.
قال في "أسنى المطالب" – شافعي - (2/ 74): "وفَرّع على كونها فسخا مسائل، فقال: (فيجوز تفريق المتقايلين)، أي تفرقهما من مجلس الإقالة (في الصرف، قبل التقابض)" انتهى.
وقال في "كشاف القناع " – حنبلي - (3/ 249): " (وهي) أي الإقالة: (فسخ) للعقد، لا بيع... فـ(تصح) الإقالة (في المبيع، ولو قبل قبضه...)، كمبيع في ذمة، أو بصفة، أو رؤية متقدمة؛ لأنها فسخ، والفسخ لا يعتبر فيه القبض. (و) تصح (في مكيل وموزون) ومعدود ومذروع، بغير كيل ووزن وعد وذرع؛ لأنها فسخ " انتهى.
وينظر للفائدة جواب سؤال: هل يشترط التقابض في الإقالة في النقدين برقم: (308155).
2- أنه يجوز أن يصارف الإنسان عما في الذمة، فإن كان في ذمة البائع نقود، أخذ عنها ذهبا أو فضة أو عملة مغايرة، بشرط ألا يتفرقا وبينهما شيء؛ لما روى أحمد (6239)، وأبو داود (3354)، والنسائي (4582)، والترمذي (1242)، وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: "كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ).
والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).
فيجوز شراء الذهب بما في ذمة البائع من نقود.
وفي "الموسوعة الفقهية" (26/ 366) في صور المصارفة على الذمة: "الصورة الثالثة: اقتضاء أحد النقدين من الآخر، بأن كان لك على آخر دراهم، فتأخذ منه دنانير، أو كانت عليه دنانير فتأخذ منه دراهم بسعر يومها.
وهذا جائز عند الحنفية والحنابلة، وهو مذهب الشافعية في الجديد، بشرط قبض البدل في المجلس. وذلك لحديث ابن عمر." انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله فيمن معه خمسة دراهم، ويريد صرفها بالدنانير، والدينار يساوي عشرة دراهم: " يشترى منه نصف الدينار بخمسة، ويدفعها إليه، ثم يأخذ الدينار كله، فيكون ما اشتراه منه له، وما بقي أمانة في يده، ثم يفترقان، ثم إذا صارفه بعد ذلك بالباقي له من الدينار، أو اشترى به منه شيئا، أو جعله سلما في شيء أو وهبه له: جاز، وكذلك إن وكله فيه" المغني (4/ 41).
وعليه؛ فلا حرج فيما قمت به من زيادة النقود لشراء ذهب آخر، فحقيقة ذلك: فسخ البيع الأول، وشراء ذهب جديد بثمن هو مجموع ما في ذمة البائع، ونقود إضافية.
والله أعلم.
لمزيد الفائدة حول أحكام بيع وشراء الذهب ينظر الأجوبة التالية:
ما الحكم إذا اشترى ذهباً وسلّم نصف المبلغ وأخر النصف الآخر ؟
تعليق