الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

حكم عقد نكاح بشهادة رجلين عبر مكالمة جماعية على الواتس آب

السؤال

اعتنقت امرأة الإسلام، ولم يكن لديها وليّ؛ لأن والدها قد تُوُفِيَّ، وأفراد أسرتها الآخرون غير مسلمين، اتصلنا بمدير المركز الإسلامي هنا في أوروبا ليكون وليّها، لكنهم جميعا أرادوا تحصيل 100-400 يورو مقابل ذلك، وهو ما لم نريد أن ندفعه، لقد اتصلنا بأكثر من 20 شخصًا، وأرادوا جميعًا فرض رسوم علينا، قرأت فتواكم رقم:(333915) الذي ينص على أنّه في حالات مثلنا يمكننا اختيار أيّ مسلم صالح ليكون وليّها، أخبرتها، لماذا لا نختار والدي ليقوم بدور وليّها، لذلك قام والدي بدور الوليّ، وقام بالإيجاب مع المهر المُتَفق عليه، وقبلت عرضه أمام شاهدين مسلمين كانا معنا في مكالمة جماعية صوتية على الواتس آب. ادعى الشاهدان أنهما مسلمان، ولم أتحقّق من ذلك، فهل نكاحي صحيح؟ إذا لم يكن كذلك قل لي ماذا ينبغي أن نفعل؟ لن أُتِمّ زواجي، حيث لم أدخل بها، حتى أحصل على تأكيد منك.

الحمد لله.

أولا:

يشترط لصحة النكاح وجود ولي المرأة أو وكيله

يشترط لصحة النكاح أن يعقده ولي المرأة أو وكيله، فإن لم يكن لها ولي زوجها القاضي شرعي، فإن لم يكن فمدير المركز الإسلامي أو إمام أو رجل عدل من المسلمين.

قال ابن عبد البر رحمه الله: " فإذا كانت المرأة بموضع لا سلطان فيه ولا ولي لها، فإنها تُصير أمرها إلى من يوثق به من جيرانها فيزوجها، ويكون هو وليها في هذه الحال؛ لأن الناس لا بد لهم من التزويج، وإنما يعملون فيه بأحسن ما يمكن " انتهى من "التمهيد" (19/93).

وقال ابن قدامة رحمه الله: " فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان، فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها، فإنه قال في دهقان قرية: يزوج من لا ولي لها، إذا احتاط لها في الكفء والمهر، إذا لم يكن في الرُّستاق [القرية] قاض " انتهى من "المغني"(9/362).

ولا حرج في كون والدك يتولى تزويجها إذا كان عدلا.

ثانيا:

اشتراط الشهادة على عقد النكاح

جمهور العلماء على اشتراط شهادة رجلين مسلمين عدلين لصحة النكاح، إلا أن المالكية ذهبوا إلى أن الشهادة عند العقد مستحبة، فيجوز تأخير الشهادة إلى ما قبل الدخول، ولا يجب أن تكون وقت العقد، فلو شهد اثنان من المسلمين قبل الدخول، صح.

قال الدردير: " وَ نُدِبَ (إشْهَادُ عَدْلَيْنِ) ؛ فَغَيْرُ الْعَدْلِ مِنْ مَسْتُورٍ وَفَاسِقٍ عَدَمٌ ، (غَيْرَ الْوَلِيِّ) أَيْ غَيْرَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلَهُ ؛ فَشَهَادَتُهُ عَدَمٌ ، (بِعَقْدِهِ) أَيْ عِنْدَهُ ؛ هَذَا هُوَ مَصَبُّ النَّدْبِ، وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْبِنَاءِ: فَوَاجِبٌ شُرِطَ" انتهى من "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي" (2/216).

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الشهادة ليست شرطا، بل يكفي إعلان النكاح، فحيث اشتهر النكاح وأعلن، صحَّ، وهذا مروي عن أحمد رحمه الله.

قال في "المغني": " وفعله ابن عمر، والحسن بن علي، وابن الزبير، وسالم وحمزة ابنا ابن عمر. وبه قال عبد الله بن إدريس، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، والعنبري، وأبو ثور، وابن المنذر وهو قول الزهري، ومالك؛ إذا أعلنوه. قال ابن المنذر: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر" انتهى.

وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. ينظر: "الشرح الممتع"(12/94).

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح ، وإن لم يشهد شاهدان. وأما مع الكتمان والإشهاد: فهذا مما ينظر فيه.

وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان: فهذا لا نزاع في صحته.

وإذا انتفى الإشهاد والإعلان: فهو باطل عند عامة العلماء. وإن قُدّر فيه خلاف فهو قليل" انتهى من "الاختيارات الفقهية" ص177.

فما ذكرته من شهادة رجلين لم تتحقق إسلامهما ، فضلا عن عدالتها، لا يكفي في الشهادة، بل لا بد من التحقق من شخص الشاهدين، تحققا يرفع الجهالة عن شخصهما، ثم المعرفة بإسلامهما وعدالتهما.

قال ابن العربي رحمه الله: " إذا أشهد على النكاح، فإنه يُشهد رجلين عدلين تثبت بمثلهما الحقوق... وبه قال علماء الإسلام " انتهى من "عارضة الأحوذي" (5/19).

والمخرج الآن: أن تشهد اثنين من العدول، فيصح النكاح، على مذهب المالكية.

أو تعلن النكاح –إن لم تكن أعلنته-، فتصنع وليمة، أو تدعو الناس للاحتفال بزواجك ونحو هذا، فيصح النكاح.

والأحوط أن تعيد عقد نكاحك مرة أخرى، بحضور الولي الذي يعقد لها النكاح ـ أبوك، كما ذكرت ـ وشهادة عدلين من المسلمين، ثم تعلن النكاح فيمن حولك، على ما سبق.

عقد النكاح عبر برامج التواصل الحديثة

ويصح عقد النكاح عبر برامج التواصل الحديثة، بشرط التحقق من شخصيات أطراف العقد والشهود، واستبعاد حدوث غش وخداع في ذلك.

وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (حكم إجراء عقد النكاح عن طريق الهاتف والإنترنت).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب