الحمد لله.
من استحلفه القاضي ولم يكن ظالما له، لم يجز له الكذب ولا التورية؛ لما روى مسلم (1653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ ، وفي رواية لمسلم أيضا: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ .
قال النووي رحمه الله :"هَذَا الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى الْحَلِف بِاسْتِحْلَافِ الْقَاضِي، فَإِذَا ادَّعَى رَجُل عَلَى رَجُل حَقًّا، فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي، فَحَلَفَ وَوَرَّى فَنَوَى غَيْر مَا نَوَى الْقَاضِي , اِنْعَقَدَتْ يَمِينه عَلَى مَا نَوَاهُ الْقَاضِي، وَلَا تَنْفَعهُ التَّوْرِيَة، وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ، وَدَلِيله هَذَا الْحَدِيث وَالْإِجْمَاع " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا استحلفه الحاكم لفصل الخصومة، فإن "يمينك على ما يصدقك به صاحبك"، والنية للمستحلف في مثل هذا باتفاق المسلمين ، ولا ينفعه التأويل وفاقا" انتهى من الفتاوى الكبرى (6/ 108).
والحكمة في ذلك : أن تبقى هيبة اليمين ، وجلالها، إذ لو تسلط عليها كل أحد بنيته ، لضاعت فائدتها.
قال في مغني المحتاج (6/ 120): " اليمين شرعت ليهاب الخصم الإقدام عليها خوفا من الله تعالى؛ فلو صح تأويله ، لبطلت هذه الفائدة، فإن كل شيء قابل للتأويل في اللغة" انتهى.
وعليه ؛ فإذا طلب الزوج أن يوجه لك ما يسمى باليمين الحاسمة ، وقال القاضي: احلفي أن زوجك لم يدفع مصاريف الدراسة لثلاثة أعوام، والواقع أنه دفع مصاريف عامين، لم يجز لك الحلف الكاذب، بل لا يجوز لك أصل هذه الدعوى الكاذبة.
وعليك أن تبحثي عن وسيلة مشروعة للمطالبة بما عليه من نفقة، ومن ذلك تقديم دعوى بها.
والله أعلم.
تعليق