الحمد لله.
لا حرج في البيع الآجل، ويكون الثمن دينا على المشتري، ويلزمه سداده ما دام موسرا، وتحرم مماطلته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ رواه البخاري(2400)، ومسلم (1564).
وللدائن مطالبة المدين بالأقساط، وتحميله ما غرمته في سبيل تحصيل الدين كأجرة المواصلات، وثمن الأوراق، ومصاريف التقاضي إن وجدت، بشرط أن يكون الغرم على الوجه المعتاد.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " عمن عليه دين فلم يوفه حتى طولب به عند الحاكم وغيره وغرم أجرة الرحلة. هل الغرم على المدين؟ أم لا؟
فأجاب: الحمد لله، إذا كان الذي عليه الحق قادراً على الوفاء، ومطله حتى أحوجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المماطل، إذا غرمه على الوجه المعتاد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/24).
وقال في "كشاف القناع" (3/ 419): " (ولو مطل) المدين رب الحق (حتى شكا عليه ؛ فما غرمه) رب الحق : (فعلى) المدين (المماطل) ؛ إذا كان غُرمه على الوجه المعتاد، ذكره في الاختيارات؛ لأنه تسبب في غرمه بغير حق " انتهى.
وإذا وكلت محاميا، جاز أن تأخذ أجرة المحامي، وإذا لم توكل محاميا فليس لك ذلك، ولا اعتبار لكونك دافعت عن نفسك، وأنك تدرس القانون، وستعمل محاميا في المستقبل؛ فالكلام فيما غرمته بالفعل.
وإذا لم تستطع أخذ أجرة المواصلات وثمن الأوراق ونحوها إلا بالحيلة كتقديم الورقة الأخرى التي تعهد فيها المدين، فلا حرج ، بشرط ألا تأخذ إلا قدر حقك – يعني: ما غرمته فعلا في الأوراق والمواصلات ونحو ذلك - وترد له الباقي.
لكن الذي يظهر: أن ما غرمته في ذلك لا يستحق رفع دعوى جديدة بالورقة الأخرى، ثم إن رفعها سيكون محفوفا بخطر أن ينكر المدين أن يكون لك عليه حق آخر، ويطلبك لليمين؛ فتتورط؛ ولا يحل لك اليمين على غير ما كان من الحق!!
فانظر لنفسك، وانصح لها، وننصحك أن تكتفي بما حكم لك من حقك الأصيل، وتحتسب ما تعبته وغرمته فيما سوى ذلك.
والله أعلم.
تعليق