الحمد لله.
ثبت أن الوسيلة التي ندعو بها للنبي صلى الله عليه وسلم: هي درجة في الجنة لا تكون إلا لعبد واحد من عباد الله تعالى.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ رواه مسلم (384).
وقد دل الحديث على أن درجة الوسيلة تكون أصالة واستحقاقا لواحد من الأنبياء لا أكثر.
وليس في لفظ الحديث أن النبي الذي يستحقها يكون منفردا وحيدا فيها، فالانفراد خلاف نعيم الجنة، ونصوص الوحي تدل على أن كل مؤمن في أي منزلة من منازل الجنة يكون معه أزواجه وخدمه ليكتمل تنعمه بمنزله في الجنة.
ولذا؛ فمن المعقول أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نال منزلة الوسيلة ، التي لا يشاركه فيها نبي من الأنبياء عليهم السلام؛ من المعقول أن يلحق به أزواجه ليتحقق كمال تكريمه وتنعمه صلى الله عليه وسلم بمنزلته، كما في حديث عمار بن ياسر عن عائشة رضي الله عنهما:
وَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ رواه البخاري (7100).
وهكذا سائر زوجاته صلى الله عليه وسلم، باتفاق أهل العلم.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" أجمع العلماء قاطبة على أن من توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه أنه يحرم على غيره تزويجها من بعده؛ لأنهن أزواجه في الدنيا والآخرة وأمهات المؤمنين " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6 / 455).
نقول : إن ذلك من المعقول، ومن المفهوم ، وأنه لا إشكال في ذلك أصلا.
غير أن السكوت عن الجزم بمثل ذلك الأمر الغيبي، الذي ليس عندنا فيه نص صريح واضح: هو الأولى بنا، والأمر في ذلك كله لله؛ مع الجزم الواضح المبين: أن الوسيلة، منزلة للنبي صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة، لا تنبغي لأحد سواه.
والله أعلم.
تعليق