الحمد لله.
جزاك الله خيرا على التنبيه؛ نعم ثبت في الصحيحين أن الغلام كان يلعب مع الغلمان.
والعبارة المشار إليها ، أيضا : ليست من تقريرنا ، بل هي ورادة ضمن نص منقول من التفسير الكبير، للفخر الرازي، كما هو مبين.
فعن ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. – فذكر قصة موسى مع الخضر وفيه – فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ… رواه البخاري (122)، ومسلم (2380).
لكن كونه يلعب مع الغلمان ، وإن كان ظاهرا في أنه لم يبلغ بعد ، كما دلت عليه أيضا الرواية الأخرى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا – زَادَ أَبُو الرَّبِيعِ فِي حَدِيثِهِ – وَلَوْ أَدْرَكَ، لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا رواه أحمد في “مسنده” (21121)، بهذا اللفظ، وهو عند مسلم (2661) لكن بلفظ : .. وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا .
ومع ذلك ، فقد يقال: إنه ليس “نصا” في عدم دخوله في سن التكليف، فالعادة جارية أن الشباب في بداية بلوغهم يحصل منهم اللعب واللهو ولا يستنكر، كما نراه في واقعنا، وهو واقع في تلك الأزمان، كما في قصة يوسف عليه السلام مع إخوته، فإن إخوته أرادوا أن يتستروا على جريمتهم في حق يوسف بأنها من فعل الذئب وأنهم غفلوا عنه بسبب لعبهم ولهوهم.
قال الله تعالى:وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ، قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ يوسف/16-17.
قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى:
” والاستباق: افتعال من السبق وهو هنا بمعنى التسابق…
والمراد: الاستباق بالجري على الأرجل، وذلك من مرح الشباب ولعبهم ” انتهى من”التحرير والتنوير” (12/236).
وهذا يشير إلى أن الشباب في مثل سنهم قد يحصل منهم اللعب واللهو ولا يستنكر.
وأما كون الخضر قتله لعلمه بمآل أمر الغلام ، وهذا يشير إلى أنه مازال صبيا، فلقائل أن يقول:
إنه يمكن أن يكون بالغا كافرا، وإنما قتله لعلمه أنه إن عاش استمر على كفره ، ولا ينصلح حاله ، ثم لا يبقى عند كفره وفساده في نفسه ، حتى يرهق والديه طغيانا وكفرا؛ فخيف منه على أبويه المؤمنين.
كما روى الإمام مسلم (2661) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا، وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا .
وينظر ما سبق تفصيله في الجواب المشار إليه، فلا مزيد لنا عليه ، فيما يتعلق بهذه المسألة المشكلة.
والله أعلم.
تعليق