الحمد لله.
أولا:
حكم العمل في وظيفة إنهاء إجراءت القروض الربوية
لا يجوز العمل في وظيفة إنهاء إجراءت القروض الربوية؛ لما في ذلك من الإعانة على الربا، والربا ملعون فاعله وكاتبه وشاهده ومن أعان عليه.
قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2
وقد روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ
قال الخطابي رحمه الله: "وأما أكْل الربا، فقد ذَكَر شَأنه في كتابه، وأغْلظَ الوعيد له، وسَوَّى رسوله، صلى الله عليه وسلم، بينه، وبين مُوكِلِه؛ إذ كان لا يَتَوصَّل إلى أكله إلا بمُعاوَنَته ومُشارَكَته إيَّاه، فهُما شريكان في الإثْم، كما كانا شريكين في الفِعْل، وإن كان أحدهما مغتَبطا بفِعله لما يَسْتَفْضِلُه من الرِّبح، والآخر مُهْتَضَما بما يَلْحَقُه من النَّقْص. ولله عزّ وجلّ حدود لا تُتَجاوز في وقت العُدْم والوُجْد، وعند اليُسْر والعُسْر، والضرورة لا تلحَقُه بوجه في أن يُوكلَه الربا؛ لأنه قد يَجِد السبيل إلى أن يَتَوَصَّل إلى حاجته بوجه من وجوه المُعامَلات والمُبايَعات" انتهى من شرح البخاري (2/ 1018).
وقال القرطبي: "وموكل الربا: معطيه. وهذا كما قال في الحديث الآخر: (الآخذ والمعطي فيه سواء)، وفي معنى المعطي: المعين عليه. وكاتبه: الذي يكتب وثيقته، وشاهداه: من يتحمَّل الشهادة بعقده، وإن لم يؤدها. وفي معناه: من حضره فأقرَّه. وإنما سوَّى بين هؤلاء في اللعنة؛ لأنه لم يحصل عقد الرِّبا إلا بمجموعهم" انتهى من المفهم (14/ 119).
وقال القاضي عياض: "ودخل الكاتب والشاهد هنا لمعونته على هذه المعصية ومشاركته فيها". انتهى من إكمال المعلم (5/ 283).
وقال النووي رحمه الله: "هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل." انتهى من شرح مسلم (11/ 26).
وقال ابن الملقن: "وكأنه لما أعان على أكل الربا بشهادته وكتابته، وكان سببًا فيه معينًا عليه؛ فلذلك ألحق به في اللعن." انتهى من التوضيح لشرح الجامع الصحيح (14/ 161).
ولهذا فالواجب الحذر من كل عمل يعين على الربا.
ثانيا:
إذا كان إرسالك لملف الموظف الذي بلغ درجة مدير عام مساعد إلى المركز الرئيسي لا يستلزم أن يعين في الوظيفة المحرمة، بل هناك غيرها من الوظائف المباحة، فلا شيء عليك.
وإذا لم تكن إلا وظيفة واحدة هي الوظيفة المحرمة، فلا يجوز أن ترفع ملفه ليعين فيها.
والله أعلم.
تعليق