الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما الحكمة من كون خدم أهل الجنة ولدانا مخلدين؟

364257

تاريخ النشر : 21-10-2021

المشاهدات : 12105

السؤال

ما الحكمة من جعل خدم أهل الجنة ولدانا مخلدين، حسب ما فهمت أنهم صغار في السن؟ فهل السبب في ذلك أنه لو جعلهم رجالا أو نساءً بالغين قد يسببون إثارة جنسية للزوج أو الزوجة في الجنة، وهم لا يحلون لهم للنكاح، لذلك هيئة الصغير في السن لا تسبب إثارة جنسية، أم غير ذلك والله أعلم؟

الجواب

الحمد لله.

أخبر الوحي أن خدم أهل الجنة هم ولدان مخلدون.

قال الله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ  الواقعة/18– 17.

وقال الله تعالى: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا  الإنسان/19.

وقال سبحانه وتعالى: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ  الطور/24.

والغلمان هنا هم الولدان أنفسهم؛ لأن الغلام يطلق على من لم يبلغ، وعلى الخادم.

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" والغلام يطلق في لغة العرب: على العبد، وعلى الصغير الذي لم يبلغ، وعلى الرجل البالغ " انتهى من"أضواء البيان" (3/182).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقوله تعالى: ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا )، أي: يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة، ( مُخَلَّدُونَ )، أي: على حالة واحدة مخلدون عليها، لا يتغيرون عنها، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن.

ومن فسرهم بأنهم: مُخَرَّصون، في آذانهم الأقرطة؛ فإنما عبر عن المعنى بذلك؛ لأن الصغير هو الذي يليق به ذلك دون الكبير " انتهى من"تفسير ابن كثير" (8/292).

ووجه الحكمة من كونهم ولدانا، قد تكون:

لمناسبة سنهم للدخول على زوجات الرجل وخدمتهن، وهذا أليق من دخول البالغ عليهن.

فدخول البالغ عليهن ينافي ما وصفت به زوجات الرجل في الجنة بأنهن:  حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ  الرحمن/72.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" وهذا من تمام لذة أهل الجنة، أن يكون خدامهم (الولدان المخلدون)، الذين تسر رؤيتهم، ويدخلون على مساكنهم، آمنين من تبعتهم، ويأتونهم بما يدعون وتطلبه نفوسهم " انتهى من "تفسير السعدي" (ص902).

ويحتمل أن ذلك راجع إلى أن الخدمة تحتاج إلى سرعة وحركة دائمتين؛ لذلك وصفوا:  إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا .

وسرعة الحركة وتتابعها بالغلام أليق من الرجل الكبير، فمنظر الولد في سرعة حركته ورشاقته يناسب النعيم.

أو فيه إشارة إلى أن هؤلاء الخدم لا يملون من الخدمة، كما هو حال الصغير لا يكاد يمل من الحركة.

قال أبو جعفر ابن الزبير الغرناطي رحمه الله تعالى:

" ووصفوا بكونهم ولدانا، لا أثر عليهم للعياء، ولا يلحقهم في طوافهم مشقة " انتهى من"ملاك التأويل" (2/497).

وما ذكر هنا من إنما هو اجتهاد في تلمس وجوه الحكمة، ليس شيء منه منصوصا عن المعصوم؛ قد تكون الحكمة غير ما ذكر من ذلك كله، فالله أعلم بحقيقة الحال، وتمام حكمته، وإنما الذي يعني العباد هنا: أن يقفوا على تلك الصورة للنعيم التي وعد الله بها عباده في جناته؛ جعلنا الله بمنه وكرمه منهم.

ولمزيد الفائدة يحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (43191).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب