الحمد لله.
أولا:
إذا كان البنك سيشتري البيت ثم بيعه للعميل بربح، فهذا بيع المرابحة، وهو جائز إذا انضبط بالشروط الآتية:
1 – أن يملك البنك البيت، ويقبضه-وذلك بتخليته واستلام مفاتيحه- قبل أن يبيعه على العميل.
2 – ألا يأخذ البنك مقدما من العميل في مرحلة الوعد، وهذا هو القول الراجح، المفتى به في موقعنا. وبعض المعاصرين يجيز ذلك، بشرط ألا يستعمله بالبنك وإنما يحتفظ به أمانة، ويسمونه هامش الجدية.
3 – أن يخلو العقد من شرط ربوي كاشتراط غرامة على التأخر في سداد الأقساط.
4 – أن يخلو العقد من شرط ينافي مقتضاه، كاشتراط ألا تنتقل الملكية للعميل إلا بعد سداد الأقساط.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (81967) ورقم (36408) ورقم (270088) ورقم (263748)
ثانيا:
يشترط لصحة البيع- مرابحة كان أو غيره-: معلومية الثمن عند العقد، في قول جمهور الفقهاء، فلا يصح البيع بربح متغير.
قال في "الإنصاف" (4/ 309): " (السابع: أن يكون الثمن معلوما): يشترط معرفة الثمن حال العقد، على الصحيح من المذهب. وعليه الأصحاب" انتهى.
فإن كان البنك ينص على أنه بعد عشر سنين سيكون الربح 3.49% مثلا إلى نهاية المدة، فلا حرج؛ إذا كان الثمن الإجمالي للمنزل معلوما للطرفين، ومتفقا عليه بينهما عند العقد، ولا سبيل إلى الزيادة فيه لأجل النظام المذكور. فيقال: الثمن الإجمالي مليون مثلا، وسيسدد على عدد 100 قسط، كل قسط 10 آلاف.
ولا حرج لو جُعلت الأقساط متفاوتة، ما دامت لا تزيد على الثمن الإجمالي، الذي عُلم للطرفين، واتفقا عليه عند العقد، كأن يقال في السنوات الأولى القسط 5 آلاف، وفي بقية المدة القسط 10 آلاف، بحث سكون المجموع مليونا.
وأما إذا كانت النسبة لا تعلم إلا بعد عشر سنين، -سواء ربطت بمؤشر معين أو لا- فلا يصح البيع لجهالة الثمن. وهذا مما يخالف فيه البيعُ الإجارة، كما سيأتي.
وثمة وجه آخر للمنع " هو أن الثمن المؤجل في عقد المرابحة يثبت ديناً في ذمة المشتري، وربطه بالمؤشر يؤدي إلى زيادة هذا الدين، تبعاً لزيادة الفائدة الربوية في سوق لندن، فيكون هذا شبيهاً بجدولة الدين الممنوعة شرعاً" انتهى من "معيار المرابحة" للدكتور محمد بن محمود آل خضير، ص 299
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (202559)، ورقم: (134752).
وقد صدر قرار من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي رقم: 124 (2/ 22) بتحريم البيع بالربح المتغير، ونص على ما ذكرنا من علتي التحريم، مع إجازة الإجارة بأجرة متغيرة عن الفترات المستقبلة.
ونص القرار:
"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته (الثانية والعشرين) المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من 21 – 24 رجب 1436 هـ التي يوافقها 10 – 13/مايو 2015 م قد نظر في موضوع (البيع أو التأجير بالسعر المتغير).
والمراد به: عقد بعوضٍ آجل، على أقساط محددة، يتفق فيها العاقدان على أصل الدين، ويضاف إليه عند حلول كل قسط: رِبْح على المقدار غير المسدد من أصل الدين، ويتحدد ذلك الربح بناء على مؤشر منضبط متفق عليه.
والإجارة بسعر متغير، هي: عقد إجارة طويلة المدة، تحدد فيه الأجرة حين العقد للمدة الأولى وتربط بقية الأجرة بمؤشر متفق عليه، بحيث تحدد في نهاية كل مدة أجرة المدة التي تليها.
وبعد الاستماع إلى البحوث المقدمة، والمناقشات من أعضاء المجمع، والباحثين، وحيث إنه لا خلاف بين أهل العلم أن من شروط صحة العقد، العلم وقت العقد بالمعقود عليه، ثمناً ومثمناً، علماً نافياً للجهالة، وسالماً من الغرر. فقد قرر المجمع ما يلي:
أولاً: أن عقد البيع بسعرٍ آجل متغير لا يصح؛ للأسباب الآتية:
1 – جهالة الثمن وقت العقد، وهي جهالة كبيرة تفضي إلى المنازعة، ويحصل معها الغرر والمخاطرة وليست من الجهالة اليسيرة المغتفرة.
2 – إن تأجيل الثمن يجعله ديناً في ذمة المشتري، وتغيُّر المؤشر بالزيادة يعني زيادة الدين بعد لزومه، مما يوقع في شبهة الربا.
ثانياً: يجوز عقد الإجارة بأجرة متغيرة مرتبطة بمؤشر منضبط معلوم للطرفين، يوضع له حد أعلى وأدنى، شريطة أن تكون أجرة الفترة الأولى محددة عند العقد، وأن تحدد أجرة كل فترة في بدايتها.
والفرق بين عقد الإجارة وعقد البيع: هو أن عقد الإجارة يغتفر فيه من الغرر ما لا يُغتفر في البيع، باعتباره يقوم على بيع منافع في المستقبل، تتجدد شيئاً فشيئاً، بخلاف عقد البيع الذي يقع على عين قائمة، وقد أجاز الفقهاء استئجار الأجير بطعامه وكسوته، وأجازوا استئجار الظئر، بحسب العرف، ولأن عقد الإجارة متغيرة الأجرة يخلو من شبهة الربا.
ثالثاً: يرى المجمع مناسبة عقد ندوة للبحث في بدائل البيع بالسعر المتغير القابلة للتطبيق، والتي لا تتعارض مع أصول الشريعة الإسلامية في العقود، ويمكن بواسطتها معالجة المشكلة التي تواجه العاقدين بسبب تغير الأسعار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى.
وجاء في "المعايير الشرعية" الصادر عن هيئة المحاسبة الإسلامية ص 297: "يجب أن يكون كل من ثمن السلعة، في بيع المرابحة للآمر بالشراء، وربحها: محددا، ومعلوما للطرفين عند التوقيع على عقد البيع.
ولا يجوز بأي حال: أن يُترك تحديد الثمن، أو الربح، لمتغيرات مجهولة، أو قابلة للتحديد في المستقبل.
وذلك مثل أن يعقد البيع، ويجعل الربح معتمدا على مستوى الليبور (LIBOR) الذي سيقع في المستقبل.
ولا مانع من ذكر مؤشر من المؤشرات المعروفة في مرحلة الوعد، للاستئناس به في تحديد نسبة الربح، على أن يتم تحديد الربح في عقد المرابحة للآمر بالشراء على أساس نسبة معلومة من التكلفة، ولا يبقى الربح مرتبطاً بالليبور أو بالزمن" انتهى.
فإذا أمكنك الاتفاق مع البنك على تحديد نسبة الربح فيما بعد عشر سنوات إلى نهاية العقد، فلا حرج حينئذ، ويكون الثمن هو مجموع: الثمن الأصلي+ 2.49% + 3.49% (مثلا).
وينظر حول حكم النص على الربح أو الفائدة، مفصولا عن الثمن: جواب السؤال رقم: (26817).
والله أعلم.
تعليق