الحمد لله.
لا يجوز صرف الزكاة لسداد دين جهة خيرية أو وقفية؛ لأن الزكاة إنما تعطى لمستحق معين، ولا يجوز دفعها في الوقف أو في المصالح العامة أو لجهة اعتبارية، ما لم يكن الدين في ذمة أعضاء الجهة، أو بعضهم، فيعطى من الزكاة من لا يجد وفاء لحصته من الدين.
قال في مجمع الأنهر (1/ 222): "(ولا تدفع) الزكاة (لبناء مسجد) ؛ لأن التمليك شرط فيها ولم يوجد، وكذا بناء القناطير وإصلاح الطرقات وكري الأنهار والحج والجهاد، وكل ما لا يتملك فيه. وإن أريد الصرف إلى هذه الوجوه: صُرف إلى فقير، ثم يؤمر بالصرف إليها، فيثاب المزكي والفقير." انتهى.
وقال الماوردي: "إنه أضاف الصدقة إلى الأصناف الثمانية بلام التمليك، وعطف بعضهم على بعض بواو التشريك، وكل ما يصح أن يُمَلَّك، إذا أضيف إلى من يصح أن يَمْلِك: اقتضت الإضافة ثبوت الملك؛ كما لو قال: هذه الدار لزيد وعمرو." انتهى من الحاوي (8/ 1211).
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/41):
"هل يجوز شرعاً الصرف من الزكاة في النفقة على المدارس الإسلامية ورواتب المدرسين وسد الحاجات التي من أجلها إحياء هذه المدارس؟
الجواب:
لا يجوز الصرف من الزكاة في النفقة على المدارس الإسلامية إلا إذا كانت تدفع للفقراء من المدرسين والموظفين الآخرين والطلاب من أجل فقرهم." انتهى.
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله: "هل يجوز أن تدفع الزّكاة للوقف الخيري، خاصّة إذا كانت مصارفه مصارف أهل الزّكاة؟
فأجاب: الحمدُ لله، وصلّى الله وسلّم على رسول الله، أمّا بعد:
فصرفُ الزّكاة في إنشاء الوقف: لا يجوز، وإن كانت مصارفه مصارف الزّكاة؛ لأنّ انتفاع الفقراء يكون حينئذٍ بغلّة الوقف، لا بعينه، والواجبُ: تمليكهم عين الزّكاة، لا غلّتها، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة:60] الآية، واللام في قوله: (لِلْفُقَرَاء): للمِلك أو الاستحقاق. وإذا صُرفت الزّكاة في إنشاء الوقف، فإنّه يلزم مِن ذلك تأخّر انتفاع الزّكاة بها.
وأيضًا فإنّ الوقف مِن المصارف الخيريّة العامة، فالصّرف فيه يشبه الصّرف في حفر الآبار لسقي النّاس، ثم إنّه مِن المعلوم أنّ غلّة الوقف لابدّ أن يُصرف منها في الأعمال الإداريّة للوقف، وهذا لا يجوز.
وعلى هذا أرى أنّه لا يجوز صرف الزّكاة في إنشاء الوقف. والله أعلم." انتهى من موقع الشيخ
والله أعلم.
تعليق