الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل ثواب القضاء للحائض والمعذور مثل ثواب الصوم في رمضان؟

السؤال

خمسة عشر يوما من رمضان مجموع أيام الدورة، جاءت دورتي الشهرية، وذهبت ثلاث مرات، ولم أستطع الصيام، فقدت كل الحماس، وعندما تمكنت أخيرًا من الصيام، لم أستطع أن أصلّي التراويح؛ لأن لدي مولودًا جديدًا، وطفل يبلغ من العمر عامًا واحدًا، أقوم برعايتهم ليلًا، كان علي أن أنام حتى أستيقظ معهم، وأرتاح جيدًا؛ لأعتني بهم؛ لأنهم يستيقظون باكرا أيضًا، أشعر كما لو أنّني لم أفعل ما يكفي من الأعمال الصالحة مثل أيّ شخص آخر، عندما أقضي يوم الصيام، هل الأجر والحسنات التي أحصل عليها تحسب كما لو كان رمضان؟ أنصحني بشأن أمومتي، وكيفية القيام بالأعمال الصالحة عندما أتحمل مسؤولية منزلي وأطفالي؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من أفطر في رمضان لعذر، ثم قضاه، فإن له مثل ثواب الصوم في رمضان إن شاء الله.

والدليل على ذلك: حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا رواه البخاري(2834) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وَهُوَ فِي حَقّ مَنْ كَانَ يَعْمَل طَاعَة، فَمُنِعَ مِنْهَا وَكَانَتْ نِيَّته لَوْلَا الْمَانِع أَنْ يَدُوم عَلَيْهَا، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق الْعَوَّام بْن حَوْشَبٍ بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي رِوَايَة هُشَيْمٍ , وَعِنْده فِي آخِره: ( كَأَصْلَح مَا كَانَ يَعْمَل وَهُوَ صَحِيح مُقِيم )، وَوَقَعَ أَيْضًا فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ مَرْفُوعًا: ( إِنَّ الْعَبْد إِذَا كَانَ عَلَى طَرِيقَة حَسَنَة مِنْ الْعِبَادَة ثُمَّ مَرِض ، قِيلَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّل بِهِ : اُكْتُبْ لَهُ مِثْل عَمَله إِذَا كَانَ طَلِيقًا، حَتَّى أُطْلِقهُ أَوْ أَكْفِتهُ إِلَىَّ ) أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَأَحْمَد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم. وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث أَنَس رَفَعَهُ : ( إِذَا اِبْتَلَى اللَّه الْعَبْد الْمُسْلِم بِبَلَاءٍ فِي جَسَده قَالَ اللَّه : اُكْتُبْ لَهُ صَالِح عَمَله الَّذِي كَانَ يَعْمَلهُ , فَإِنْ شَفَاهُ غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ , وَإِنْ قَبَضَهُ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمه ) ، وَلِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيم السَّكْسَكِي عَنْ أَبِي بُرْدَة مُتَابَع أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه بِلَفْظِ : ( إِنَّ اللَّه يَكْتُب لِلْمَرِيضِ أَفْضَل مَا كَانَ يَعْمَل فِي صِحَّته مَا دَامَ فِي وَثَاقه ) ، الْحَدِيث . وَفِي حَدِيث عَائِشَة عِنْد النَّسَائِيِّ : ( مَا مِنْ اِمْرِئٍ تَكُون لَهُ صَلَاة مِنْ اللَّيْل يَغْلِبهُ عَلَيْهَا نَوْم أَوْ وَجَع إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْر صَلَاته وَكَانَ نَوْمه عَلَيْهِ صَدَقَة )" انتهى من"فتح الباري".

فإذا كان هذا فيمن ترك العمل لعذر، ولم يأت به؛ لأنه لم يؤمر بقضائه، كالقيام والتلاوة؛ فأولى أن يأخذ الأجر من أتى بالعمل بعد زوال العذر، كقضاء الحائض الصوم.

ولهذا قال بعض أهل العلم: إن الحائض يجري عليها أجر الصلاة أثناء حيضها.

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " قال بعض فقهاء الشافعية : إن الحائض يجري عليها أجر الصلاة في زمن عادتها، لعموم حديث أبي موسى: إذا مرض العبد، أو سافر..؟

فأجاب: ما هو بعيد، ظاهر الأدلة على ذلك، إذا علم الله مِنْ قلبها أنها لولا الحيض لصلت؛ لها أجر المصلين مثل: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم)، ومثل قوله في الصحابة الذين تخلفوا يوم تبوك: (ما سلكتم واديًا ولا قطعتم شعبًا إلا وهم معكم)، وفي اللفظ الآخر: (إلا شركوكم في الأجر، حبسهم العذر).

فإذا علم الله من قلب الحائض والنفساء: أنه ما منعها إلا هذا؛ فيرجى لها الأجر الكامل" انتهى من موقع الشيخ ابن باز

وسئل رحمه الله: " هل المفطر في رمضان لعذر شرعي، ككِبر السن مثلاً، ويقوم بالإطعام هل له مثل أجر الصائم؟

فأجاب: يُرجى له ذلك؛ لأنه معذور شرعًا، والمعذور له حكم الصائم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا؛ فالكبير في السن الذي عجز عن الصيام له حكم الصائمين؛ لأنه معذور، إذ لولا العجز لصام، فهو معذور وعليه إطعام مسكين عن كل يوم إذا كان يستطيع ذلك، أما إن كان عاجزًا لا يستطيع فإنه لا شيء عليه، لا صوم عليه ولا إطعام عليه؛ لقول الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16/104).

ثانيا:

على المرأة الصالحة أن توفق بين قيامها بمهام البيت والأسرة، وبين عبادتها من صلاة وصوم وذكر وتعلم للعلم الشرعي وغير ذلك، وهذا يكون بتنظيم والوقت، وإلزام النفس.

ومن الأمور المعينة لك على ذلك:

1-الانضمام إلى برامج جماعية كحلقات التحفيظ، والالتحاق بالبرامج العلمية.

2-مخالطة الصالحات في المسجد والمركز الإسلامي ونحوه.

3-وربما بذل الإنسان من ماله ليتفرغ لعبادة ربه، فيأتي بمن يقوم على رعاية الأولاد أو تجهيز المنزل.

3-ومن الوسائل العظيمة المعينة على ذلك: الإتيان بهذا الذكر قبل النوم.

روى البخاري (5361)، ومسلم (2727) عن علي رضي الله عنه:" أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ ".

فاستعيني بالله تعالى، ونظمي وقتك، واحرصي على الصحبة الصالحة، والاشتراك في البرامج العلمية والدعوية.

والله أعلم.


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب