الحمد لله.
نشر صور المنتقبات على الإنترنت مما لا ينبغي فعله، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم:(229701)، وذكرنا ما في ذلك من المفسدة.
فإن أضيف إلى ذلك أن المنتقبة تظهر في الصورة وهي ممسكة يد رجل، أو واضعة رأسها على كتفه، فهذا أشد كراهة؛ لما فيه من إثارة الفتنة، فإن الفتنة تحصل بالمنقبة كما تحصل بغيرها، لا سيما إذا صورت على نحو ما ذكرت. مع ما في ذلك من منافاة المروءة والحشمة.
ثم الأشد سوءا من ذلك كله: أن يساء الظن بالمنتقبات وأهل الدين؛ وإلا، فليس كل واحد قادرا على أن يقول، ويثبت : هذه زوجتي. وإذا فتح الباب، لم يمكن أن يوصد، وتعذر أن ينهى الشاب عن أن ينشر صورته مع فتاة، لا يبالي من تكون.
وقد بلي كثير من المسلمين بفتنة التصوير، وأصبحوا يصورن ما لا يصلح إلا في البيوت ثم ينشرونه على الملأ، وهل يرضى رجل أن يظهر في الشارع مثلا وامرأته قد وضعت رأسها على كتفه؟!
فإن كان لا يرضى ذلك، فكيف يرضى بنشر هذه الصورة على مواقع التواصل التي يدخلها أضعاف من يمكن وجودهم في الشارع؟
وإن رضي، فإنما أتي من قلة مروءته، وضعف تحفظه.
وقد قال الإمام الجليل عبد الله بن المبارك، رحمه الله: " نحن إِلَى قليل من الأدب أحوج منا إِلَى كثير من العلم" . انتهى، ذكره "القشيري" في الرسالة (2/447).
فما أحوجنا إلى كثير من الحياء والمروءة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر) رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان، من حديث ابن عمر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1603).
قال ابن عرفة: "الْمُرُوءَةُ هِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى فِعْلِ مَا تَرْكُهُ مِنْ مُبَاحٍ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا ... وَعَلَى تَرْكِ مَا فِعْلُهُ مِنْ مُبَاحٍ يُوجِبُ ذَمَّهُ عُرْفًا " انتهى من "شرح حدود ابن عرفة"، ص591
فينبغي لكل عاقل ذي دين أن يتحلى بالمروءة، وأن يدع ما ينافي الحياء، ويبعث على الفتنة.
نسأل الله أن يعصمنا من الفتن، وأن يهدينا سواء السبيل.
والله أعلم.
تعليق