الحمد لله.
لا يحل لأحد أن يعقد على امرأة إلا بإذن وليها ، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة ، كقوله صلى الله عليه وسلم : (لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَليٍّ) رواه الترمذي (1101)، وأبو داود (2085)، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وذهب جمهور العلماء –وهو الصحيح- إلى أن النكاح بلا ولي فاسد غير صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل) رواه الترمذي وحسَّنه (1102) وأبو داود (2083) ابن ماجه (1879) من حديث عائشة رضي الله عنها ، وصححه الألباني في"إرواء الغليل"(1840) .
وذهب الحنفية إلى صحة النكاح بلا ولي.
قال ابن قدامة رحمه الله : " لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إلَّا بِوَلِيٍّ ، وَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا وَلَا غَيْرِهَا ، وَلَا تَوْكِيلَ غَيْرِ وَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا ، فَإِنْ فَعَلَتْ ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ .
رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَالْحَسَنُ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ... وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا ، وَتُوَكِّلَ فِي النِّكَاحِ ...
ثم رجح ابن قدامة قول الجمهور واستدل له بالأحاديث السابقة" انتهى من"المغني"(9/345).
ونظرا لما في المسألة من خلاف بين الأئمة، وأنها من مسائل الاجتهاد فإذا كان المسلم في بلد يأخذ بمذهب الحنفية ويصحح النكاح بلا ولي، وتم عقد النكاح على هذا، فإنه يحكم بصحته حينئذ ، ولا ينقض حكم المحكمة .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" فَإِنْ حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ حَاكِمٌ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي لِعَقْدِهِ حَاكِمًا، لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ.
وَخَرَّجَ الْقَاضِي فِي هَذَا وَجْهًا خَاصَّةً أَنَّهُ يُنْقَضُ .
وَهُوَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ نَصًّا .
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى [يعني : أنه لا ينقض] ؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا ، وَيَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ ، فَلَمْ يَجُزْ نَقْضُ الْحُكْمِ لَهُ ، وَهَذَا النَّصُّ مُتَأَوَّلٌ ، وَفِي صِحَّتِهِ كَلَامٌ ، وَقَدْ عَارَضَهُ ظَوَاهِرُ" انتهى من "المغني"(9/347) .
وعلى هذا، فالذي نراه أن النكاح محكوم بصحته وإن كنت قد أخطأت في تصرفك، فعليك التوبة من ذلك، واسترضاء والد زوجتك إن كان لم يرض إلى الآن، لأنك قد أسأت إليه إساءة بالغة .
ولو جددت العقد عليها، فتولى أبوها النكاح، بحضور شاهدي عدل، فهو أحسن، وأحوط.
والله أعلم .
تعليق