الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

حكم العمل فيما يخدم البنوك كتظريف بطاقات البنوك وطباعة الرقم السري

381549

تاريخ النشر : 01-08-2022

المشاهدات : 2715

السؤال

أنا من إحدى الدول العربية، وأعمل مبرمجا ومسؤولا في تقنية المعلومات في شركة تقوم بعمل خدمات لتحويل بعض الأعمال التي تتم يدويا في البنوك إلى خدمات آلية، مثل تظريف بطاقات البنوك، وطباعة أرقامها السرية، وغيرها من العمليات التي لا تخدم نظام البنك الرئيسي بشكل مباشر، وكنت في بداية الأمر مسؤولا عن خدمات تتعلق بالشيكات فقط، وسألت وقتها في الأمر بعض أهل العلم حيث إنني كنت أخشى لأن كل البنوك عندنا بما فيها ما يسمى بنوكا إسلامية يتعاملون بالربا في بعض المعاملات، وقد أجابني بأنه لا يرى بأسا في عملي في تلك الجزئية الخاصة بآلية قراءة الشيكات وتحصيلها، ولكن الآن تم إقحامي بشكل مباشر في خدمات كالسابق ذكرها من تظريف للكروت وطباعة رقمها السري، وقد كنت أحاول تجنبها سابقا قبل أن يتم إقحامي فيها، بسبب أن بعض الكروت يتم التعامل فيها بالربا، كالسماح بشراء بضاعة في عدم وجود رصيد، وفي حال عدم التسديد خلال ٥٠ يوما لقيمة البضاعة يتم تسديد القيمة بنسبة ربوية، مع وجود بطاقات أخرى تقدم خدمات غير ربوية أصلا، ولا تسمح بالسحب منها بدون وجود رصيد، وحيث إننا لسنا جهة تتبع للبنوك فلن يتم في المستقبل طلب نظام كامل لإدارة البنك ككل، والذي يشمل التعاملات الربوية وغير الربوية، ولذلك فهذا أقصى ما يمكن إقحامي فيه من خدمات للبنوك، وقد حاولت منذ تخرجي وإلى الآن البحث عن عمل في شركات أخرى بعيدا عن المجال، ولكن بدون جدوى، حيث إن سوق العمل خامل بشكل كارثي، وعمري يشارف الأربعين حاليا، وهو عمر لا يتم قبوله لدينا في سوق العمل، ناهيكم عن حالة الخمول الموجودة في السوق حتى للأصغر مني، وأنا حاليا مسؤول عن أسرة، ولا أريد اغضاب ربي بعمل يكون مكسبي فيه حراما، فهل عملي حرام؟ وماذا أفعل، وأنا أحاول وأبحث يوميا عن بديل آخر دون جدوى؟

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز العمل في شيء يتصل بالبنوك الربوية، كطباعة بطاقات أو أرقام سرية أو تغليف أو غير ذلك؛ لما فيه من الإعانة على الإثم والمعصية، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ  المائدة/2

وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ:هُمْ سَوَاء .

قال القاضي عياض: " ودخل الكاتب والشاهد هنا لمعونته على هذه المعصية ومشاركته فيها" انتهى من إكمال المعلم (5/ 283).

وقال النووي رحمه الله: " هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل" انتهى من شرح مسلم (11/ 26).

وقال ابن الملقن: " وكأنه لما أعان على أكل الربا بشهادته وكتابته وكان سببًا فيه معينًا عليه؛ فلذلك ألحق به في اللعن" انتهى من التوضيح لشرح الجامع الصحيح (14/ 161).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (9/ 213): " ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام، وكل تصرف يفضي إلى معصية فهو محرم، فيمتنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز .

فمن أمثلته عند المالكية: بيع الأَمَة لأهل الفساد، والأرض لتتخذ كنيسة أو خمارة، وبيع الخشب لمن يتخذه صليبا، والنحاس لمن يتخذه ناقوسا، قال الدسوقي: وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب، من سلاح أو كراع أو سرج، وكل ما يتقوون به في الحرب، من نحاس أو خباء أو ماعون ...

ومن أمثلته عند الشافعية: بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه محرم، وخشب لمن يتخذه آلة لهو، وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة، وكذا بيع سلاح لنحو باغ وقاطع طريق، ...

ومن أمثلته عند الحنابلة: بيع السلاح لأهل الحرب، أو لقطاع الطريق، أو في الفتنة، أو إجارة داره لبيع الخمر فيها، أو لتتخذ كنيسة، أو بيت نار وأشباه ذلك، فهذا حرام " انتهى.

وعلى ذلك؛ فلا يجوز بيع أوراق أو بطاقات لبنك ربوي ، أو عمل ذلك يدويا أو إلكترونيا.

وهذه الأعمال التي ذكرت من تظريف بطاقات البنوك وطباعة أرقامها السرية، فيها دعم للبنك وإعانة على استمراره، والتحاق الناس به، فلا تظن أنها أمر يسير.

لكن إذا لم تجد عملا مباحا فيمكن أن تقوم بذلك لصالح البنوك الإسلامية، لأنها أقل إثما وشرا، إلى أن تجد عملا سالما من المنكر.

ونسأل الله أن ييسر أمرك، ويرزقك من فضله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب