الحمد لله.
من نوى الصدقة بشيء، فإن الصدقة لا تلزم إلا بالقبض، فإذا لم يقبضها الفقير جاز أن يرجع فيها، أو أن يأخذ منها لنفسه.
قال في "دقائق أولي النهى" (1/468): "ومن ميز شيئا للصدقة به، أو وكل فيه، ثم بدا له أن لا يتصدق به: سُن له إمضاؤه مخالفة للنفس والشياطين، ولا يجب عليه إمضاؤه ; لأنها لا تملك قبل القبض" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (2/298): " (ومن أخرج شيئًا يتصدق به، أو وكل في ذلك) أي: الصدقة به (ثم بدا له) أن لا يتصدق به (استحب أن يمضيه) ولا يجب؛ لأنه لا يملكها المتصدق عليه إلا بقبضها" انتهى.
فلك أن تأخذ من لحم الذبيحة لنفسك وعائلتك، لكن لا تكون قد تصدقت بذبيحة كاملة لوالدك، بل بما أعطيته للفقراء منها، وفي ذلك خير إن شاء الله.
وإن نويت إطعام الأهل والفقراء، وإدخال السرور عليهم، وأن يكون ذلك صدقة على والدك، فلا حرج.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: " إذا ذبح الرجل ذبيحة وهو ينويها صدقة، وقام بتجهيزها وإنضاجها ودعا جيرانه وأقاربه لأجل الأكل منها، وليسوا فقراء على كل حال، فهل تجوز هذه الصدقة أم لا؟
فأجاب: لا مانع من ذلك؛ لأن إكرام الجيران وإكرام الأقارب فيه فضل عظيم، فإكرام الجار قربة وطاعة يؤجر صاحبها على ذلك، وهكذا إكرام الأقارب صلة رحم، فهذه من باب الصلة ومن باب إكرام الجيران، وكلها قربة، فإذا ذبح الذبيحة ونوى بها التقرب إلى الله في إكرام أهله وجيرانه وقراباته وأصدقائه: هذا عمل طيب، وله أجره، إذا كان غير منذور، أما إن نذر أن يذبح لله ذبيحة نذراً، فهذا على نيته، إن كان حين نذرها نواها لقراباته وجيرانه وأهل بيته فهو على نيته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) ، أما إن كان حين النذر ما نوى شيئا، أو نواها للفقراء، فإنها تصرف للفقراء، الذبيحة تذبح وتوزع على الفقراء، هذا هو الواجب.
أما إذا ذبح ذبيحة من غير نذر، ولكن أحب أن يذبح ذبيحة صدقة تقربا إلى الله، يريد منها جمع جيرانه، أو بعض جيرانه، وقراباته، أو بعض أصدقائه، فكل هذا طيب وفيه أجر؛ لأن إكرام الجار عمل صالح، وإكرام القريب عمل صالح، وإكرام الأصدقاء الطيبين المعروفين بالخير عمل صالح، فكل هذا فيه خير" انتهى من فتاوى نور على الدرب:
والله أعلم.
تعليق