الحمد لله.
أولاً :
نعم ، يجوز في حالتكم هذه الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء ، وقد ثبت في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع بين الصلاتين بسبب المطر ، فقد روى مسلم (705) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا مَطَرٍ . قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ : لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : كَيْ لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ .
فنفيُ ابن عباس رضي الله عنه الخوف والمطر ، دليل على أنهما من أسباب الجمع بين الصلاتين .
قال شيخ الإسلام :
" يجوز الجمع بين العشاءين للمطر والريح الشديدة الباردة والوحل الشديد . وهذا أصح قولي العلماء وهو ظاهر مذهب أحمد ومالك وغيرهما " انتهى .
وقال أيضاً :
" يجوز الجمع للوحل الشديد والريح الشديدة الباردة في الليلة الظلماء ونحو ذلك وإن لم يكن المطر نازلا في أصح قولي العلماء ، وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم ، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالفة للسنة ، إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة ، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين . والصلاة جمعاً في المساجد أولى من الصلاة في البيوت مفرقة باتفاق الأئمة الذين يجوزون الجمع : كمالك والشافعي وأحمد " انتهى . "مجموع الفتاوى" (24/30) .
وحالتكم هذه أولى من الجمع بسبب المطر بلا شك .
ثانياً :
وهذا الجمع إنما هو لمن كان من أهل الجماعة ، أما المريض الذي يصلي في بيته ، أو المرأة التي تصلي في بيتها فلا يجوز لهما الجمع .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (4/288) :
" أما إذا كان يصلي في بيته لمرض وهو لا يحضر المسجد لا يجوز له أن يجمع ، لأنه لا يستفيد شيئاً ، أو كانت امرأة فإنه لا يجوز لها الجمع من أجل المطر ، لأنها لا تستفيد بالجمع شيئاً ، فهي ليست من أهل الجماعة " انتهى .
وانظر جواب السؤال (31172) .
ثالثاً :
وأما أذانه العشاء بعد ذلك في وقتها فلا حرج فيه ، حتى يعلم من يصلي في بيته كالنساء والمرضى بدخول وقت صلاة العشاء .
رابعاًَ :
وصفك إمام مسجدكم بأنه قليل الفقه من أجل أنه يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء خطأ ظاهر ، بعد ما تبين أن فعله هذا صحيح بدلالة ما سبق .
فكان عليك أن تتمهل ، ولا تتسرع في إنكار الشيء إلا إذا تبين لك أنه منكر ، ولا تنسب أخاك إلى الجهل من غير بينة .
خامساً :
وأما صفة صلاة الخوف فلها عدة صفات على حسب حال الخوف ، وكون العدو في جهة القبلة أم في غيرها ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (36896) .
والله أعلم .
تعليق