الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

أعطى كفارة اليمين لجمعية خيرية ولكنها دفعتها لأقل من عشرة مساكين

394375

تاريخ النشر : 29-05-2023

المشاهدات : 6194

السؤال

كان علي تقريبا خمس كفارات يمين أو ستة، وفي مدينتي مسجد يأخذ كفارات اليمين، ويعطيها للمساكين المحتاجين فعلا، وعندما أعطيتهم الكفارات سألتهم هل ستعطونها إلى عشرة مساكين؟ قالوا: نعم، لدينا لجنة تقسم الكفارات، وتعطيها الفقراء والمساكين، وبعد فترة اكتشفت أنهم لايعطونها إلى عشرة مساكين، وسألتهم، وقالوا لي: أنت عليك أن تشتري طعاما يكفي عشرة مساكين، ونحن نتحمل عنك، فهل أنا أتحمل ذنبا؟ وهل يجب علي أن أعيد كل تلك الكفارات؛ لأنني وثقت بهم، للعلم جميع المساجد والجمعيات الخيرية في مدينتي يأخذون طعاما يكفي عشرة مساكين، ويعطوها لعائلة فقيرة عددهم أقل من عشرة، وحتى جميع علماء الدين ومشايخ مدينتي يقولون يجوز إخراج كفارة اليمين إلى شخص أو شخصين، وإطعامهم عشرة مرات، أو خمس مرات حسب عدد المساكين، فهل أنا أثم، وأتحمل الذنب؛ لأنني وثقت بهم، وأعطيتهم الكفارة، وهل يجوز أن أخذ بفتواهم، للعلم انا لا أستطيع إيجاد عشرة مساكين يستحقون الإطعام؟ وهل يجوز إخراج كفارة اليمين إلى عائلة عددهم اثنا عشر مسكين، أي مكونة أكثر من عشر مساكين؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يجب في كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين ، ولا يجوز أن يعطي طعام العشرة لأقل من عشرة ، ولا أن يطعم مسكينا واحدا عشر مرات ، وهذا عند جمهور العلماء .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" الْمُكَفِّرَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَجِدَ الْمَسَاكِينَ بِكَمَالِ عَدَدِهِمْ ، أو لا يَجِدَهُمْ .

فَإِنْ وَجَدَهُمْ ، لَمْ يُجْزِئُهُ إطْعَامُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ .

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ...

لقَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى : فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ .

وَمَنْ أَطْعَمَ وَاحِدًا ، فَمَا أَطْعَمَ عَشَرَةً ، فَمَا امْتَثَلَ الْأَمْرَ ، فَلَا يُجْزِئُهُ ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ كَفَّارَتَهُ إطْعَامَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، فَإِذَا لَمْ يُطْعِمْ عَشَرَةً فَمَا أَتَى بِالْكَفَّارَةِ ...

الْحَالُ الثَّانِي : الْعَاجِزُ عَنْ عَدَدِ الْمَسَاكِينِ كُلِّهِمْ ، فَإِنَّهُ يُرَدِّدُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ مِنْهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ حَتَّى تَتِمَّ عَشَرَةً ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا ، رَدَّدَ عَلَيْهِ تَتِمَّةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ، وَإِنْ وَجَدَ اثْنَيْنِ ، رَدَّدَ عَلَيْهِمَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ ، وَعَلَى هَذَا وَنَحْوُ هَذَا" انتهى من "المغني" (13/513) .

وينظر السؤال رقم: (13788) ، و(322641) .

وعلى ذلك؛ فالواجب عليك أن تكمل الكفارة ، فإذا كانت الجمعية أعطت طعام العشرة –مثلا- لسبعة ، فقد أطعمت سبعة مساكين ، وبقي عليك إطعام ثلاثة .

والأصل في هذا أن القائمين على الجمعية هم الذين يضمنون ذلك ويتحملونه ، لأنهم هم الذين خالفوا ما أمرتهم به .

ولكن هذا في الغالب غير ممكن ، فينبغي أن تقوم أنت بإكمال الكفارة ، وما سبق يكون صدقة ، لك ثوابها عند الله تعالى .

ثانيا :

لا أحد يتحمل ذنب أحد ، فما دمت تعلم أنه لا بد من إطعام عشرة مساكين ، فلا يجوز للقائمين على الجمعية أن يقولوا : نطعم أقل من عشرة ، ونحن نتحمل عنك .

وقد حكى الله تعالى قول الكفار للمؤمنين: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ) ، فرد الله تعالى عليهم قولهم : (وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ العنكبوت/12، 13.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ  رواه مسلم (1017) .

فكل إنسان يتحمل ذنب نفسه ، ولا أحد يتحمل ذنب أحد .

ومن تسبب في إضلال غيره فإثمه مضاعف ، من غير أن يسقط ذلك الإثم عمن اتبعه على ضلاله .

ثالثا :

لا نتصور أن في بلدكم لا يوجد عشرة مساكين تعطيهم الكفارة ؛ فأينما وليت وجهك في بلدك، بل وفي عامة بلاد المسلمين، فسوف تجد عشرات المساكين الذين يستحقون الصدقات والكفارات.

فإن كنت لا تعلمهم ، فيمكنك سؤال جيرانك وأصحابك وأهلك ، أو إمام المسجد الذي تصلي فيه.

وعلى فرض أنك لا تجد عشرة مساكين ، بعد البحث والتحري، وسؤال أهل الثقة في مكان إقامتك، جاز لك أن تنقل كفارتك إلى بلد آخر سوى بلدك، يمكنك أن تصل إليه بكفارتك، أو توكل فيه من يكفر عنك، ويوجد فيه مساكين يستحقون الكفارة.

وينظر في ذلك جواب السؤال رقم: (252923).

وقد سبق في كلام ابن قدامة أنك تردد على الموجود منهم الطعام في أيام مختلفة ، حتى تتم طعام عشرة مساكين .

ونقلها لبلد آخر يوجد فيه مساكين، أولى وأحوط؛ ولأنه قد يحصل التساهل في معرفة المساكين في بلدك، فتخرجها في أقل من العشرة ، مع وجودهم.

والأفضل أن تقوم بتوزيع الكفارة بنفسك ، حتى تتأكد أنها وصلت إلى من يستحقها .

رابعا :

يجوز أن تعطي الكفارة لأسرة مكونة من اثني عشر شخصا ، والواجب عليك أن تعطيهم طعاما يكفي عشرة أشخاص ، فإن زدت على ذلك فهو خير ، وتكون الزيادة صدقة ، لك ثوابها عند الله تعالى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب