الحمد لله.
إذا اشترك اثنان أحدهما بماله والآخر بعمله، فهذه شركة مضاربة.
والقاعدة في الشركات كلها: أن الخسارة تكون على رب المال أو أرباب المال، وأما العامل فيخسر جهده وعمله، إلا إذا تعدى أو فرط، فيضمن حينئذ.
واشتراط أن يشارك العامل في الخسارة: اشتراط فاسد، لكنه لا يفسد العقد.
قال ابن عبد البر رحمه الله: "ولا خلاف بين العلماء أن المقارض مؤتمن لا ضمان عليه فيما يتلفه من المال من غير جناية منه، ولا استهلاك له ولا تضييع؛ هذه سبيل الأمانة، وسبيل الأمناء" انتهى من "الاستذكار" (21/ 124).
وقال ابن القطان رحمه الله: "واجمع المسلمون جميعًا أن لا خسران على العامل: كانت المضاربة صحيحة أم فاسدة" انتهى من "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/200).
وقال ابن قدامة رحمه الله: " متى شرط على المضارب (العامل) ضمان المال، أو سهماً من الوضيعة [يعني: جزءً من الخسارة]: فالشرط باطل، لا نعلم فيه خلافا.
والعقد صحيح. نص عليه أحمد. وهو قول أبي حنيفة , ومالك.
وروي عن أحمد أن العقد يفسد به. وحكي ذلك عن الشافعي ; لأنه شرط فاسد , فأفسد المضاربة. والمذهب الأول " انتهى من "المغني" (5/40).
وعليه؛ فإذا لم يثبت تعديك بمخالفة الشروط، أو تفريطك في الاستثمار، فإنك لا تتحمل شيئا من الخسارة، ولا عبرة بالشرط الفاسد.
ولو اختلفتما هل حصل تفريط منك أو لا، فالمرجع إلى أهل الخبرة في هذا المجال من الاستثمار.
فإن لم يتبين لهم شيء، فالقول قول العامل بيمينه فيحلف أنه لم يفرط.
قال في "كشاف القناع" (3/384): " (والوكيل أمين لا ضمان عليه فيما تلف في يده من ثمن ومثمن وغيرهما، بغير تفريط ولا تعد)؛ لأنه نائب المالك في اليد والتصرف؛ فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد المالك، كالمودع؛ (سواء كان بجعل أم لا) ...
(أو اختلفا) أي الوكيل والموكل (في تعديه أو تفريطه في الحفظ، أو) اختلفا في (مخالفة) الوكيل (أمر موكله)، فقول وكيل بيمينه؛ لأن الأصل براءته...
(وكذا) أي: كالوكيل في ذلك: (كل من كان بيده شيء لغيره على سبيل الأمانة، كالأب والوصي وأمين الحاكم والشريك والمضارب والمرتهن والمستأجر) والمودع؛ يقبل قولهم في التلف، وعدم التفريط والتعدي" انتهى.
والله أعلم.
تعليق