هل تجوز الإجازة لمن يقرأ من المصحف دون حفظ؟

الحمد لله.

أولا:

الإجازة بالقرآن الكريم على نوعين:

الأول: إجازة يترتب عليها صلاحية المجاز ليجيز غيره، وهذه يشترط فيها أن تكون قراءته للقرآن غيبا، عند أكثر أهل الإقراء.

الثاني: إجازة خاصة لحاملها، لا تتيح لها أن يجيز بها غيره، وهذه لا يشترط فيها الحفظ، فتجوز على الإتقان والضبط، وينص فيها على أن المجاز قد قرأ القرآن من المصحف.

جاء في "شرح الجزرية" للشيخ صفوت محمود سالم ص130 في شروط الإجازة: "عرضُ القرآنِ الكريم غيباً من حفظه على شيخ مجاز بالرواية التي يقرأ بها" انتهى.

وجاء في "مسائل مختارات في التجويد والقراءات، للجنة العلمية بمقرأة جامع الملك خالد بالرياض، ص255:

"الإجازة من المصحف: الأصل المتعارف عليه عند القراء: أن عرض القرآن الكريم يكون حفظا من الصدر، عن ظهر قلب، وسار عليه الأئمة خلفا عن سلف.

وذهب بعضهم كالإمام السيوطي إلى عدم اشتراط الحفظ في عرض القرآن، فقال: "وأما القراءة من الحفظ؛ فالظاهر أنها ليست بشرط بل يكفي ولو من المصحف". إذ المقصود كيفية أداء هذه الألفاظ القرآنية.

وذهب آخرون إلى اشتراط الحفظ في عرض القرآن الكريم والإجازة فيه.

ومن مساوئ عدم اشتراط الحفظ للإجازة أداؤه إلى تزهيد الطلاب في حفظ كتاب الله تعالى.

وتوسط آخرون فذهبوا إلى جواز الإجازة نظرا من المصحف، لكن بشروط منها:

1-عدم قدرة القارئ على حفظ القرآن.

2-إتقان القارئ وضبطه.

3-الإفادة في الإجازة بأنه أجيز بقراءته من المصحف مباشرة.

4-يمنع المجاز بهذه الطريقة من إجازة غيره، فهي له بمثابة الإجازة الخاصة.

5-عدم فتح هذا النوع من الإجازة أمام عامة الناس، والضرورات تقدر بقدرها" انتهى.

ثانيا:

اعلم أن المتقن له أن يقرئ الناس ولو كان غير مجاز.

قال السيوطي رحمه الله: "الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة ، فمن علم من نفسه الأهلية، جاز له ذلك، وإن لم يجزه أحد، وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح، وكذلك في كل علم، وفي الإقراء والإفتاء، خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطا.

وإنما اصطلح الناس على الإجازة؛ لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم، لقصور مقامهم عن ذلك. والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط؛ فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية" انتهى من الإتقان في علوم القرآن، ص355

والله أعلم.