الحمد لله.
أولا:
إذا تزوج الرجل بكرا ، وكان عنده زوجة قبلها، فإنه يبقى عند البكر سبعة أيام، ثم يقسم بعد ذلك بين زوجتيه، وهذه الأيام السبعة حق للبكر، ولا يجوز للزوج أن ينقصها إلا بإذن زوجته.
روى البخاري (5214)، ومسلم (3699) عَنْ أَنَسٍ قَالَ : "مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا ثُمَّ قَسَمَ".
قال الصنعاني في "سبل السلام" :
"وَالْمُرَادُ بِالْإِيثَارِ فِي الْبَقَاءِ عِنْدَهَا : مَا كَانَ مُتَعَارَفًا حَالَ الْخِطَابِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِيثَارَ يَكُونُ بِالْمَبِيتِ وَالْقَيْلُولَةِ، لَا اسْتِغْرَاقِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عِنْدَهَا ...
وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ، فَلَوْ فَرَّقَ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ" انتهى.
ثانيا:
إذا كان الرجل لا يستطيع العدل بين زوجاته، فلا يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة، لقول الله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) النساء/3.
فأمر الله تعالى من خاف أن لا يعدل أن يقتصر على زوجة واحدة.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
"فإذا كان الإنسان لا يقدر على العدل بينهن، يلزمه الاقتصار على واحدة؛ لأن غير العدل جور، والجور لا يُؤذن فيه في الشرع الكريم" انتهى من "العذب المنير" (4/407).
وقال السعدي رحمه الله في "تفسيره" (ص 163):
"... فأبيح له واحدة بعد واحدة، حتى يبلغ أربعا، لأن في الأربع غنية لكل أحد، إلا ما ندر، ومع هذا فإنما يباح له ذلك، إذا أمن على نفسه الجور والظلم، ووثق بالقيام بحقوقهن.
فإن خاف شيئا من هذا فليقتصر على واحدة" انتهى.
وقال الشوكاني في "فتح القدير" :
"والمعنى : فإن خفتم ألا تعدلوا بين الزوجات في القسم، ونحوه، فانكحوا واحدة.
وفيه المنع من الزيادة على الواحدة لمن خاف ذلك" انتهى .
فعلى الرجل إن كان يعلم من نفسه أنه لن يستطيع العدل بين زوجاته : أن يقتصر على زوجة واحدة ، أو يخبر الثانية بأنه لن يستطيع العدل، وأنه سيقسم لها أقل من حقها، فإن رضيت بذلك فلا بأس، وتكون دخلت في العقد على بصيرة، أما أن يتزوجها ثم يقول: لا أستطيع العدل ، فهذا محرم.
وينظر جواب السؤال (228346).
ثالثا :
وأما أخذ الزوج مع زوجته عائلته فيما تبقى من الأيام السبع.
فإن كان ذلك في مسكن منفصل عن مسكن الزوجة: فلا حرج في ذلك، إذ لا ضرر على الزوجة في هذا ، لأن عماد القسم هو الليل، أما النهار فإن الرجل يخرج لعمله ومعاشه.
وأما إن كان ذلك في نفس مسكن الزوجة، فلا ينبغي للزوج أن يدعو أهله إلى البقاء معه، لأن على الزوجة حرجا في هذا، لا سيما وهي حديثة عهد بالزواج، فإنها تحتاج أن تتبسط مع زوجها ، وسيكون ذلك متعذرا في حال وجود أهل الزوج معه.
أما إذا كان أهله نزلوا ضيوفا عليه، لم يصطحبهم هو ، ولم يرتب لنزولهم عنده ، ولا يستطيع أن يردهم، فعلى المرأة أن تصبر، لأن هذا أمر لا حيلة للزوج فيه.
والله أعلم.
تعليق