الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

حكم المضاربة مع بنك يتعهد بتعويض العميل إذا نقص رأس ماله وربحه

408213

تاريخ النشر : 05-06-2023

المشاهدات : 1876

السؤال

لدي مبلغ معين بالدولار، وأريد أن استثمره في عقد مضاربة مع بنك اسلامي في بلد ما، بعملة البلد نفسه، وليست بالدولار، وعليه يجب تحويل هذا المبلغ إلى عملة البلد، والبنك ألزم نفسه بضمان استرجاع رأس مالي الأصلي، الذي أصله الدولار، وليس عملة البلد، أي أنه في حالة انتهاء مدة العقد وحصولي على الأرباح المتحققة بعملة البلد، وكانت هذه الارباح مجتمعةً مع رأس المال الذي هو بعملة البلد لا تغطي استعادة رأس مالي الأصلي الذي ابتدأت به بالدولار؛ نتيجة الاختلاف كبير في سعر الصرف مما لا يمكنني من استعادة رأس مالي الأصلي بالدولار، فيقوم البنك بإعادة رأس مالي والأرباح المتحققة بعملة البلد، وتعويضي بعملة البلد؛ بما يمكنني من استعادة رأس مالي الأصلي بالدولار بدون أية أرباح أو أي خسارة، يعني في نهاية الأمر لم أحصل على ربح بالدولار، ولم أخسر منه شيئاً أيضاً، فهل العقد بهذه الصورة جائز شرعا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يشترط لجواز عقد المضاربة عدم ضمان رأس المال، فلا يضمن عامل المضاربة، بنكا كان أو غيره، إلا إذا تعدى أو فرط، وكذلك لو كان شريكا بماله مع العمل، فالشركة والمضاربة لا يجوز فيهما ضمان رأس المال.

قال ابن رشد المالكي في بيان الشروط الفاسدة في المضاربة: "ومنها: إذا شرط رب المال الضمان على العامل، فقال مالك: لا يجوز القراض وهو فاسد. وبه قال الشافعي ...

وعمدة مالك: أن اشتراط الضمان زيادة غرر في القراض؛ ففسد" انتهى من "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/199).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (38/63): "وقد نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَال عَلَى الْعَامِل ضَمَانَ رَأْسِ الْمَال، إِذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِلاَ تَفْرِيطٍ مِنْهُ: كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا .

وَهَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، لأِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَامِل أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ ، فَإِنْ تَلِفَ الْمَال فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ ، فَاشْتِرَاطُ ضَمَانِ الْمُضَارِبِ يَتَنَافَى مَعَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ" انتهى.

والصحيح من مذهب الحنابلة أن الشرط فاسد محرم، لكن لا يفسد العقد.

وينظر: "الإنصاف" (5/424)، "كشاف القناع" (3/504).

ثانيا:

يجوز للبنك أن يتطوع بتحمل الخسارة، إذا حصلت. ويكون ذلك هبة للعميل، لكن لا يجوز أن ينص على ذلك ابتداء، ولو على سبيل الوعد، لأن الوعد ملزم، فيكون بمثابة اشتراط الضمان.

قال الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله: " تطوع المضارب بالضمان ... يكون محرماً إذا كان مشروطاً في العقد، أو متعارفا عليه، أو أعلن البنك أمام المستثمرين قبل العقد تبرعه بذلك " انتهى من "الخدمات الاستثمارية في المصارف" (2/139).

وجاء في "فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة البركة" (الفتوى رقم 44): "على أنه لا مانع من أن تكون هناك مبادرة من العميل بتحمل ما قد يقع من خسارة في حينها، لا عند التعاقد؛ لأن ذلك من قبيل الهبة والتصرف من صاحب الحق في حقه , دون تغيير لمقتضى العقد شرعاً. فحين وقوع الخسارة، دون تعدٍّ أو تقصيرٍ: يطبق المبدأ الشرعي بتحميلها لرب المال (البنك هنا) إلا أن يبادر العميل لتحملها، ودون مقاضاته أو إلزامه , لأنه قد يقدم على هذه المبادرة انسجاماً مع اعتبار نفسه مقصراً في الواقع، ولو لم تُستكمل صورة التقصير في الظاهر، بما يحيل الضمان عليه. والقاعدة الشرعية أن المرء بسبيل من التصرف في ماله" انتهى.

وعليه؛ فلا يجوز أن يتعهد البنك بتعويضك في حال لم يصل رأس المال والربح إلى ما يساوي رأس المال بالدولار؛ لأن هذا من ضمان رأس المال وهو ممنوع شرعا وفي فساد العقد به خلاف.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب