الخميس 23 شوّال 1445 - 2 مايو 2024
العربية

شرح عبارة من حديث ابن مسعود عن ليلة الجن

410959

تاريخ النشر : 05-02-2023

المشاهدات : 19575

السؤال

جاء في مسند أحمد (6/ 332 - 334)، حَدَّثَنَا عَارِمٌ، وَعَفَّانُ قَالَا : حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ : قَالَ أَبِي : حَدَّثَنِي أَبُو تَمِيمَةَ ، عَنْ عَمْرٍو - لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ : الْبِكَالِيَّ، يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ عَمْرٌو : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ : " اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْتُ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَخَطَّ لِي خِطَّةً ، فَقَالَ لِي: (كُنْ بَيْنَ ظَهْرَيْ هَذِهِ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا؛ فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هَلَكْتَ) قَالَ: فَكُنْتُ فِيهَا، قَالَ : فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَذَفَةً، أَوْ أَبْعَدَ شَيْئًا، أَوْ كَمَا قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هَنِينًا، كَأَنَّهُمُ الزُّطُّ. قَالَ عَفَّانُ - أَوْ كَمَا قَالَ عَفَّانُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - : لَيْسَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، وَلَا أَرَى سَوْءَاتِهِمْ طِوَالًا، قَلِيلٌ لَحْمُهُمْ، قَالَ : فَأَتَوْا، فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فما معنى يركبون رسول الله؟

الجواب

الحمد لله.

هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (6/ 332-334)، قال: حَدَّثَنَا عَارِمٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنِي أَبُو تَمِيمَةَ، عَنْ عَمْرٍو - لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ: الْبِكَالِيَّ يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - قَالَ عَمْرٌو إِنَّ عَبْدَ اللهِ -، قَالَ: " اسْتَتبْعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْتُ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَخَطَّ لِي خِطَّةً، فَقَالَ لِي: كُنْ بَيْنَ ظَهْرَيْ هَذِهِ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا، فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هَلَكْتَ، قَالَ: فَكُنْتُ فِيهَا، قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَذَفَةً، أَوْ أَبْعَدَ شَيْئًا، أَوْ كَمَا قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هَنِينًا كَأَنَّهُمْ الزُّطُّ، (قَالَ عَفَّانُ: أَوْ كَمَا قَالَ عَفَّانُ: إِنْ شَاءَ اللهُ): لَيْسَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، وَلَا أَرَى سَوْآتِهِمْ، طِوَالًا، قَلِيلٌ لَحْمُهُمْ، قَالَ: فَأَتَوْا، فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَجَعَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ. قَالَ: وَجَعَلُوا يَأْتُونِي فَيُحيلُونَ حَوْلِي، وَيَعْتَرِضُونَ لِي. قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ رُعْبًا شَدِيدًا. قَالَ: فَجَلَسْتُ، أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ جَعَلُوا يَذْهَبُونَ… ".

قال محققو المسند: " إسناده ضعيف، عمرو البكالي -وكنيته أبو عثمان- لم يثبت سماعه لهذا الحديث من ابن مسعود، فقد قال البخاري في "التاريخ الصغير" (1/203): ولا يعرف لعمرو سماع من ابن مسعود، لكن قال أبو حاتم في "المراسيل" (ص 119): روى عن ابن مسعود حديث ليلة الجن.

وعمرو هذا مختلف في صحبته، والأكثر على أنه ليست له صحبة، ولم يؤثر توثيقه عن أحد... وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي تميمة -وهو طريف بن مجالد الهجيْمي- فمن رجال البخاري... ولم يصحح أبو زرعة وأبو حاتم في هذا الباب شيئاً، كما سيرد.

وأورده ابن كثير في "تفسيره" (تفسير سورة الأحقاف) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وقال: وفيه غرابة شديدة... " انتهى.

ثم بينوا أن كل طرقه لا تخلو من ضعف، ومنها ما رواه الترمذي في "السنن" (2861)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى خَرَجَ بِهِ إِلَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ، فَأَجْلَسَهُ، ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: لَا تَبْرَحَنَّ خَطَّكَ؛ فَإِنَّهُ سَيَنْتَهِي إِلَيْكَ رِجَالٌ، فَلَا تُكَلِّمْهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يُكَلِّمُونَكَ...  الحديث.

وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، مِنْ هَذَا الوَجْهِ".

ثم مع ما في أسانيدها من ضعف فقد خالفها ما هو أصح منها، حيث روى الإمام مسلم (450) عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ، فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ. قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ. قَالَ: فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَقَدْنَاكَ، فَطَلَبْنَاكَ، فَلَمْ نَجِدْكَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ: (أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ)، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ، وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ: " لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ .

ورواه الترمذي (3258)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ" انتهى.

وقوله في هذا الخبر في رواية الإمام أحمد: ( فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).

معناه: يتبعونه ويقربون منه إلى حدّ المزاحمة له.

قال ابن قتيبة، رحمه الله: " ... لبد الشَّيْء يلبد لبودا، وتَلَبَّدَ أيْضا: إذا انْضَمَّ بعضه إلى بعض، يُقال: ألبد فلان بِالمَكانِ، فَهُوَ مُلْبِد بِهِ، إذا لزمَه وأقام بِهِ. ومِنه قَول ابْن أبي بَرزَة، وذكر قوما يعتزلون الفِتْنَة: ( عِصابَة مُلْبِدة، خماص البُطُون من أمْوال النّاس، خفاف الظُّهُور من دِمائِهِمْ ) ...

وقَول الله جلّ وعز: كادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا: هُوَ من هَذا؛ أي: كادُوا يركبونه ويلبدون بِهِ، رَغْبَة فِيما سمعُوا من القُرْآن وشهوة لَهُ.

وقالَ ابْن مَسْعُود: إن الجِنّ أتَوا، فَجعلُوا يركبون رَسُول الله. انتهى، من "غريب الحديث" (1/574).

قال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

" وفي حديث أبي هريرة: ( فَإِذَا عُمَر قَدْ رَكِبَنِي )، أي: تبعني، وجاء على أثري؛ لأنّ الرّاكب يسير بسير المركوب. يقال: ركبت أثره وطريقه إذا تبعته ملتحقا به " انتهى من"النهاية في غريب الحديث" (2/257).

وقد فسرتها الرواية الأخرى، عند البيهقي في "دلائل النبوة" (2/232):

(فازدحموا عليه).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب