السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

حكم خيار الشرط إذا كان لمدة مجهولة

411847

تاريخ النشر : 22-06-2023

المشاهدات : 4035

السؤال

لدي بعض الأسئلة فيما يتعلق بمشروعية الطريقة التالية في البيع: 1. تقوم أحدى الشركات بإرسال طلب شراء لعدة شركات تجارية - منها الشركة التي أعمل بها - تطلب فيه شراء سلعة أو سلع معينة. 2. تقوم شركتنا التجارية بالبحث عن مصدر لهذه السلعة عن طريق الإنترنت. 3. يتم إعلام الشركة الطالبة بتوفر السلعة. 4. يتم إبرام عقد بيع مع المصدر الذي عُثرَ عليه عن طريق الانترنت، يتم بموجبه الاتفاق على أننا سنقوم بشراء السلعة أو السلع التي عندهم مع وجود شرط بأن عقد البيع باطل إذا لم تتم إحالة طلب الشراء لدينا. ملخص: نقوم بإشعار الشركة الطالبة بتوفر السلعة، ونقوم بإبرام عقد بيع مع المصدر من شروطه أن البيع باطل إذا لم يتم إحالة طلب الشراء علينا. فهل هذا البيع مشروع؟ وهل هذا يعد من الطرق المشروعة لتفادي حرمة "بيع ما ليس عندك"، والذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل هذا هو بيع المساومة؟ أريد جواباً مفصلاً إن أمكن.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم بيع الإنسان ما لا يملك، إلا في عقد السلم، وهو بيعُ موصوفٍ في الذمة، إلى أجل معلوم، بثمن معجل عند العقد.

وثمة بدائل أخرى، كالمرابحة، والوكالة بأجرة، وقد بينا ذلك في أجوبة كثيرة منها: جواب السؤال رقم:(345772)، ورقم:(292328). 

ثانيا:

الصورة التي ذكرتها وهي شراء السلعة التي يرغب فيها الزبون، ثم بيعها له، صورة صحيحة، لكن ما ذكرته من صيغة العقد مع مصدر السلعة : " أننا سنقوم .. " لا يكفي في صحة العقد ، فإن هذا صيغة "وعد" بالشراء، وليس شراء فعليا، فالواجب أن يتم عقد الشراء فعليا بينكم وبين هذا المصدر، قبل البيع على طالب الشراء.

فإن تم إخباره بالثمن، واتُّفِق معه على ربح معين، فهذه المرابحة، وإذا لم يخبر بالثمن، فهذا بيع مساومة ولا حرج فيه.

وأما الشرط: "أن البيع باطل إذا لم يتم إحالة طلب الشراء علينا"

فهو من باب خيار الشرط، لكن لا يصح؛ لعدم تحديد المدة.

فالصواب: أن تشتروا السلعة، ولكم الخيار لمدة أسبوع مثلا، فإذا لم يتم الشراء منكم، أرجعتم السلعة خلال الأسبوع، فإن مضى الأسبوع ولم تفسخوا البيع، فالبيع لازم، ولا تملكون الرجوع إلا برضى البائع فيما يسمى بالإقالة.

قال في "منار السبيل" (1/317): " خيار الشرط: وهو أن يشرطا، أو أحدهما الخيار إلى مدة معلومة؛ فيصح وإن طالت المدة" انتهى.

وقال ابن قدامة في "المغني" (3/498): "مسألة؛ قال: (والخيار يجوز أكثر من ثلاث) يعني ثلاث ليال بأيامها ...

وفي حديث حبان: ولك الخيار ثلاثا. ويجوز اشتراط الخيار ما يتفقان عليه من المدة المعلومة، قلّت مدته أو كثرت، وبذلك قال أبو يوسف، ومحمد، وابن المنذر. وحكي ذلك عن الحسن بن صالح، والعنبري، وابن أبي ليلى، وإسحاق، وأبي ثور.

وأجازه مالك فيما زاد على الثلاث بقدر الحاجة، مثل قرية لا يصل إليها في أقل من أربعة أيام؛ لأن الخيار لحاجته، فيقدر بها.

وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا يجوز أكثر من ثلاث" انتهى.

وقال رحمه الله عن جهالة مدة الخيار (3/501): " فصل: وإذا شرطا الخيار أبدا، أو متى شئنا، أو قال أحدهما: ولي الخيار. ولم يذكر مدته، أو شرطاه إلى مدة مجهولة، كقدوم زيد، أو هبوب ريح، أو نزول مطر، أو مشاورة إنسان، ونحو ذلك: لم يصح، في الصحيح من المذهب. وهذا اختيار القاضي، وابن عقيل، ومذهب الشافعي...

وقال مالك : يصح، وتُضرب لهما مدة يختبر المبيع في مثلها في العادة؛ لأن ذلك مقدر في العادة، فإذا أطلقا، حُمِل عليه.

وقال أبو حنيفة: إن أسقطا الشرط قبل مضي الثلاث، أو حذفا الزائد عليها وبينا مدته: صح لأنهما حذفا المفسد قبل اتصاله بالعقد، فوجب أن يصح، كما لو لم يشرطاه.

ولنا: أنها مدة ملحقة بالعقد، فلا تجوز مع الجهالة، كالأجل. ولأن اشتراط الخيار أبدا يقتضي المنع من التصرف على الأبد، وذلك ينافي مقتضى العقد، فلم يصح، كما لو قال: بعتك بشرط أن لا تتصرف...

وعلى قولنا: الشرط فاسد؛ هل يفسد به البيع؟

على روايتين: إحداهما: يفسد، وهو مذهب الشافعي؛ لأنه عقد قارنه شرط فاسد، فأفسده، كنكاح الشغار، والمحلل. ولأن البائع إنما رضي ببذله بهذا الثمن، مع الخيار في استرجاعه، والمشتري إنما رضي ببذل هذا الثمن فيه، مع الخيار في فسخه؛ فلو صححناه لأزلنا ملك كل واحد منهما عنه بغير رضاه، وألزمناه ما لم يرض به.

ولأن الشرط يأخذ قسطا من الثمن، فإذا حذفناه، وجب رد ما سقط من الثمن من أجله، وذلك مجهول، فيكون الثمن مجهولا، فيفسد العقد.

والثانية: لا يفسد العقد به، وهو قول ابن أبي ليلى؛ لحديث بريرة. ولأن العقد قد تم بأركانه، والشرط زائد، فإذا فسد وزال، سقط الفاسد، وبقي العقد بركنيه، كما لو لم يشترط" انتهى.

والحاصل:

أنه يلزمكم تعديل صيغة الشرط، بالنص على مدة معلومة ولو طالت.

واللجوء إلى خيار الشرط في مثل هذه الحالة أي للتخلص من محذور بيع الإنسان ما لا يملك عن طريق المرابحة –أو المساومة- قد نبه عليه الفقهاء قديما، كما بينا في جواب السؤال رقم:(215358). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب