الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

كيف نستشعر محبة الله في القلب؟

415312

تاريخ النشر : 14-07-2023

المشاهدات : 5227

السؤال

كيف احقق محبة الله، فأنا لا استشعر ذلك!

الجواب

الحمد لله.

الذي يظهر لنا أنك تتصورين المحبة تصورا خاطئا، أو تحصرينها في درجة عالية منها، وإلا فكل من يؤمن بوجود الله، فلا يخلو من محبة له، حتى لو أشرك في المحبة، وأحب معه غيره محبة زائدة أو مساوية، كما قال الله تعالى عن المشركين: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ البقرة/165.

فكل من آمن بالله، وتذكر شيئا من نعمه عليه، كنعمة الإسلام أو القرآن أو الرزق أو التوفيق أو غير ذلك، أحبه، فالإنسان مفطور على محبة من أنعم عليه، ولهذا يحب من يسلم عليه، ومن يهدي إليه، ومن يبتسم في وجهه، ومن ينصحه، ومن يكرمه.

ففتشي في قلبك وستجدين أنك تحبين الله، وتحمدينه، وتشكرينه، وربما تشتاقين لرؤيته، وهذه درجة أعلى في المحبة.

ولو سألت نفسك هل تكرهين الله ؟ فستجدين النفور من هذا السؤال، وهذا يؤكد ما ذكرنا أنك ربما تصورت المحبة في الشوق مثلا، وقد تكون محبتك لم تصل إلى هذه الدرجة، لكن ذلك لا ينفي وجود المحبة النافعة لك، المحققة لإيمانك بربك.

وكيفما كان الأمر، فإن علاج ذلك يسير، وهو تذكر النعم، وأعظمها نعمة الإسلام، ثم إنك لو قرأت كلام الله، وتدبرتِه شيئا من التدبر، انشرح صدرك، وسعد قلبك، ووجدت لسانك يلهج بحمد الله على هذه النعمة، ووجدت قلبك ينبض بالمحبة لخالقه المنعم عليه.

ولاشك أن بعض الناس قد ينغمس في الدنيا ومتاعها الزائل، أو في شهواتها المحرمة، فيقسو قلبه، وتقل محبته، ويضعف شوقه، وربما ينسى خالقه، لكن لو فتش في أعماق قلبه لوجد أنه يحب الله، حتى مع الغفلة والبعد.

ولهذا جاء التأكيد على وجوب المحبة وأن تكون فوق كل محبة، كما قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ التوبة/24.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ رواه البخاري (16)، ومسلم (43).

فأقبلي على الله، وحافظي على صلاتك، وأكثري من تسبيح الله ودعائه في سجودك، واستحضري النعم، وكوني من الشاكرين، واتخذي لك وردا من القرآن لا تتركينه، وليكن لك حظ من صيام النفل ومن الصدقة فإن ذلك مما يرقق القلب ويذهب قسوته، كما قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الرعد/28.

وقال صلى الله عليه وسلم: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ؟ صَوْمُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر رواه النسائي (2386)، وصححه الألباني في "صحيح النسائي" (2249).

قال السيوطي في "شرح النسائي" : " ( وَحَر الصَّدْر) قَالَ فِي النِّهَايَة: غِشّه وَوَسَاوِسه، وَقِيلَ: الْحِقْد وَالْغَيْظ، وَقِيلَ: الْعَدَاوَة، وَقِيلَ: أَشَدّ الْغَضَب" انتهى .

وقال السندي : " (بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ) قِيلَ : غِشُّهُ وَوَسَاوِسُهُ، وَقِيلَ: حِقْده، وَقِيلَ: مَا يَحْصُلُ فِي الْقَلْبِ مِنْ الْكُدُورَاتِ وَالْقَسْوَة" انتهى.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلٌ يشكو قَسوةَ قلبِهِ. قال: (أتُحِبُّ أنْ يلينَ قلبُك، وتُدرِكَ حاجتَك؟ ارْحَمِ اليتيمَ، وامسَحْ رأْسه، وأطْعِمْهُ مِنْ طَعامِك؛ يَلِنْ قلبُكْ، وتُدرِكْ حاجتَك) رواه الطبراني. وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".

ثم إنه من المستحب أن يسأل العبد ربه المحبة، وزيادة المحبة، كما في حديث اختصام الملأ الأعلى: قَالَ [الله]: سَلْ. قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ المَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ رواه الترمذي (3235)، وصححه الألباني.

ونسأل الله أن يغفر لك، ويتوب عليك، وأن يقبل بقلبك عليه، ويذيقك حلاوة الإيمان.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب