الحمد لله.
الشركة عقد غير لازم عند أكثر العلماء ، فيجوز لأحد الشركاء أن يخرج منها ما لم تكن مؤقتة إلى أمد معين، وكان في خروجه قبل ذلك ضرر ظاهر على باقي الشركاء؛ فيلزم رضا شركائه، لمنع الضرر.
جاء في "المعايير الشرعية"، ض 184: " الأصل أن عقد المضاربة غير لازم، ويحق لأي من الطرفين فسخه، إلا في حالتين لا يثبت فيهما حق الفسخ:
أ) إذا شرع المضارب في العمل، فتصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي.
ب) إذا اتفق الطرفان على تأقيت المضاربة، فلا يحق إنهاؤها قبل ذلك الوقت إلا باتفاق الطرفين" انتهى.
وذهب المالكية في معتمد المذهب إلى لزوم عقد الشركة.
قال الدسوقي في حاشيته (2/349): " المعتمد في المذهب، وهو قول ابن القاسم في المدونة لزومها بالعقد، أي بما يدل عليها عرفا، سواء كان قولا، كاشتركنا، أو فعلا، كخلط المالين، أو هما معا" انتهى.
وفي "شرح الخرشي" (6/39): " (ص) ولزمت بما يدل عرفا (ش) يعني أن الشركة تلزم بمجرد القول على المشهور . وقال ابن رشد : مذهب ابن القاسم وروايته في المدونة أنها تنعقد باللفظ ، فقوله، بما يدل عرفا من قول كاشتركنا ، أو فعل، كخلط المالين والتجر فيهما ، فلو أراد أحدهما المفاصلة، فلا يجاب إلى ذلك مطلقا، ولو أراد نضوض المال بعد العمل، فينظر الحاكم كالقراض" انتهى.
قال العدوي في حاشيته عليه: " (قوله فلا يجاب لذلك مطلقا) أي انعقدت بالقول أو الفعل. وسواء رفع لحاكم أم لا. (وقوله نضوض المال) أي صيرورته ناضا، أي نقدا. وذلك ببيع السلع التي اشتريت.
وقوله: بعد العمل؛ أي: الشراء.
وقوله: كالقراض؛ أي أن عامل القراض إذا اشترى بالمال سلعا، وأراد خزنها، وأراد رب المال بيعها، أو العكس: فينظر الحاكم" انتهى.
فإذا تم الاتفاق على العمل معا إلى الانتهاء من عمل الموقع، فالظاهر أن هذا مثل التأقيت بوقت، فليس لشريكك الفسخ قبل ذلك، لا سيما مع الشروع في العمل، وحصول الضرر لعدم قدرتك على تحمل كلفة الاستضافة بمفردك، ومراعاةً لقول من قال بلزومها؛ وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
والله أعلم.
تعليق