الحمد لله.
أولًا:
نسأل الله تعالى أن يعينك على مصابك، فإن المؤمن مصاب ومبتلى، ومن أشكال الابتلاء أن يرى حبيبًا له على طريق الضلالة والكفر والعياذ بالله، ولأجل ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متألمًا لحال عمه أبي طالب وبقائه على دين كفار قريش، فنسأل الله أن يجعل صبرك على هذا البلاء في ميزان حسناتك، ونواسيك بما واسى الله سبحانه نبيه فقال: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. القصص/56.
وبلا شك إن استمرار الدعاء له بالهداية خير عظيم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ أخرجه مسلم(2654).
وإن العبد ربما أصبح كافرًا فيمسي مؤمنا بحول الله وقوته وفيوض هدايته التي يمن بها على عباده ولربما كان دعاؤك هذا سببًا في تفضل الله عليه بالهداية.
ثانيًا:
هناك فرق ظاهر بين الكافر أو المرتد، إن انشغل بنفسه فلم يتعد ضرره إلى غيره، وبين نفس الشخص، إن بدأ يبث سمومه وشبهاته فيمن حوله. وللأسف هذه هي حال أخيك.
وبالتالي فبينما صاحب الحالة الأولى نجادله بالحسنى، ونعاشره بالمعروف، مغلبين اللين على غيره، فصاحب الحالة الثانية التي ينتمي إليها أخوك؛ لا مفر معها من المكاشفة والمصارحة بحيث لا يستغل تستره بالإسلام أمام والديك، وأختك؛ كي يبث سمومه كأنما هي أفكار رجل مسلم، والواقع أنها نزغات شيطان تسلط على رجل ارتد عن دينه، والعياذ بالله.
فالرأي هنا أن تصارح أبويك، وأن تشدد على أخيك أنه إن أراد أن يكفر فهو وشأنه، هداه الله، لكن ليس من العدل أن يتستر عن أهله ليبث بينهم سمومه، فليس هذا من النزاهة الشخصية، فالصدق والمصارحة من الخصال التي يتحراها المسلم والكافر.
ولا معنى للدعاء له بخير الدنيا فهذا يغر الكافر، ويظن ذلك قد حصل له بفضل مهارته وذكائه ولا يشكر ربه، فاكتف بأن تدعو له بالهداية، وأن يرده إلى دينه، ويتوب عليه. وأظهر له براءتك مما هو عليه من الكفر، والردة عن دين الله، والجراءة عليه.
وأظهر أمره لأهلك وقلل علاقتك معه للحد الأدنى وواظب على الدعاء له بالهداية.
قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُالممتحنة/1-5.
وينظر للأهمية جواب السؤال رقم: (214559).
والله أعلم.
تعليق