الحمد لله.
أولًا:
النصوص الشرعية في مني المرأة كثيرة، منها ما يثبت وجوده، ويعلق عليه أحكامًا تكليفية، ومنها ما يبين صفته، فمن هذا:
ما رواه مسلم (312) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي مَنَامِهِ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ فَلْتَغْتَسِلْ.
وروى مسلم أيضا (311)، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ: " أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ، حَدَّثَتْ أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا، أَوْ سَبَقَ، يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ.
والأحاديث في هذا كثيرة.
قال النووي رحمه الله: "وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يَبْيضّ لفَضْل قُوَّتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما:
أحدهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل. [وهي تشبه رائحة العجين].
والثانية: التلذذ بخروجه، وفتور قوتها عقب خروجه" انتهى من "شرح مسلم" (3/222).
وفي "فتح المنعم شرح صحيح مسلم" (2/301): "النساء شقائق الرجال، وللمرأة ماء كما أن للرجل ماء، لكن ماء الرجل مختلف عن ماء المرأة، فماؤه أبيض غليظ، وماؤها أصفر رقيق" انتهى.
ثانيًا:
وأما بخصوص كلام الأطباء في المسألة فلا يمكن إجماله في قولك: "الأطباء بيقولوا لا يوجد مني للمرأة بل للرجل"؛ بل هذا مما وقع فيه نزاع كبير بين الأطباء، حتى كان ممن نفى وجود مني للمرأة أرسطو، وأكثر من التشنيع عليه في ذلك وأثبت أن للمرأة منيًا جالينوس (أشهر أطباء اليونان القديمة)، واستمر هذا النزاع وكثر في البحث الإكلينيكي الطبي المعاصر.
والذي يعنينا هنا: أن هذا مما لم يقع فيه اتفاق بين الأطباء، بل من نفى وجود ماء للمرأة منهم، قد خالفه غيره من الأطباء، ورد عليه أيضا بكلام علمي، طبي.
والنصوص الشرعية في إثبات وجود مني للمرأة واضحة كثيرة، كما سبق الإشارة إلى شيء منها.
وللتوسع في مناقشة الأقوال الطبية والشرعية في المسألة يمكن مراجعة كتاب: "الحواشي الطبية على المتون الحنبلية" للدكتور محمد فرحات، ط دار اللؤلؤة، الطبعة الأولى (ص152-190).
والله أعلم.
تعليق