الحمد لله.
أولا:
ما ينشر حول تباطؤ دوران نواة الأرض ثم تحركها عكس الاتجاه السابق؛ هو مجرد بحث لبعض أهل الاختصاص وليست حقيقة علمية ثابتة، والجدل حولها قائم بين أهل الاختصاص أنفسهم ، ثم إن هذا التباطؤ عند أصحاب البحث ليس حادثا جديدا، وإنما هي ظاهرة مستمرة لهذه النواة ، فلها دورة كاملة في الاتجاهين تقطعها كل فترة زمنية تقدر بحوالي سبعين عاما، وهذا التباطؤ لا علاقة له بطلوع الشمس من مغربها .
ثانيا:
أما يسمى بالمذنب الأخضر فالذي يفهم من الأخبار حوله أنه مذنب كسائر المذنبات التي تجوب هذا الكون وتقترب في سيرها أحيانا من الأرض.
ثالثا:
وجود نجم اسمه الطارق ينتظر قدومه إلى الأرض، هذا أمر لم يرد فيه نص من الوحي، وما ورد في سورة الطارق، وهو قوله سبحانه وتعالى:
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ الطارق (1 – 3).
هو قسم من الله تعالى بنجوم السماء، وسمي النجم طارقا؛ لأنه يظهر ليلا فقط، فكل قادم ليلا يسمى طارقا، ومنه المسافر الذي يقدم ليلا.
قال الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى:
" والطَّارِقُ: السالك للطَّرِيقِ، لكن خصّ في التّعارف بالآتي ليلا، فقيل: طَرَقَ أهلَهُ طُرُوقاً، وعبّر عن النّجم بالطَّارِقِ لاختصاص ظهوره باللّيل " انتهى. "المفردات" (ص 518).
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقا؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار. ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح: ( نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا )، أي: يأتيهم فجأة بالليل " انتهى. "تفسير ابن كثير" (8 / 374).
والراجح عند كثير من المفسرين أن اسم الطارق يعم كل نجم في السماء، وليس خاصا بنجم معيّن.
قال الواحدي رحمه الله تعالى:
"( النَّجْمُ الثَّاقِبُ )، اسم الجنس، وأُريد به العموم في قول أهل المعاني، وأكثر أهل التفسير، وهو قول الكلبي، ومقاتل، وقتادة، والحسن، والفراء، والزجاج.
وقال ابن زيد: أراد به الثريا، والعرب تسميه النجم...
وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس أنه - زُحَل.
والقول هو الأول – أي أنه يعمّ جميع النجوم - " انتهى. "البسيط" (23 / 403 – 405).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" وأما قوله: ( وَالطَّارِقِ ) فهو قسم ثان، أي أن الله أقسم بالطارق فما هو الطارق؟...
فسره الله عز وجل بقوله: ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) هذا هو الطارق، والنجم هنا يحتمل أن يكون المراد به جميع النجوم فتكون (ال) للجنس، ويحتمل أنه النجم الثاقب، أي: النجم اللامع، قوي اللمعان، لأنه يثقب الظلام بنوره، وأيًا كان فإن هذه النجوم من آيات الله عز وجل الدالة على كمال قدرته، في سيرها وانتظامها، واختلاف أشكالها واختلاف منافعها أيضاً، قال الله تبارك وتعالى: ( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ). وقال تعالى: ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ). فهي زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها " انتهى. "تفسير جزء عم" (ص 147).
فالحاصل؛ أن النجم الثاقب هو كل نجم في السماء مضيء.
رابعا:
انتفاخ الأهلة وردت فيه بعض الروايات أنه من علامات اقتراب الساعة.
لكن هذه الروايات كلها لا تخلو من ضعف.
لكن بعض أهل العلم يصححها بمجموع طرقها، كقول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
" وبالجملة، فهذه الطرق وإن كانت لا تخلو من ضعف، فبعضها يتقوى ببعض كما قال السخاوي في " المقاصد الحسنة " (1 / 433) " انتهى. "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (5/ 369).
وعلى القول بصحته فمعناه أنه يُرى الهلال في ليلته الأولى، فيُقال:هو لليلتين.
ومثل هذا الانتفاخ قد يقع الوهم فيه من الناظرين ومازال الناس يختلفون في تقدير مقدار الهلال، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم (1088) عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. قَالَ: خَرَجْنَا لِلْعُمْرَةِ. فَلَمَّا نَزَلْنَا بِبَطْنِ نَخْلَةَ قَالَ: تَرَاءَيْنَا الْهِلَالَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ لَيْلَتَيْنِ.
قَالَ: فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ. فَقُلْنَا: إِنَّا رَأَيْنَا الْهِلَالَ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ لَيْلَتَيْنِ.
فَقَالَ: أَيَّ لَيْلَةٍ رَأَيْتُمُوهُ؟ قَالَ فَقُلْنَا: لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ مَدَّهُ لِلرُّؤْيَةِ ، فَهُوَ لليلة رأيتموه ).
فكون انتفاخ الأهلة علامة للساعة، يقتضي أن يكون أمرا ظاهرا واضحا لكل ناظر، وليس أمرا نسبيا، أو مجرد شائعة لا يعلم بها العبد إلا من خلال شائعات مواقع التواصل.
نعم قد وردت علامات للساعة صغرى وكبرى، ومنها ما قد وقع ومنها ما لم يقع بعد.
وراجعي للفائدة جواب السؤال رقم (78329) ورقم (118597).
وهذه العلامات للساعة قدّر الله تعالى وقوعها، وأخبرنا بذلك رحمة بنا، حتى لا يطغى الناس ويغفلوا عن الساعة، فتأتيهم بغتة وهم غير مستعدين لها.
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
" قال العلماء رحمهم الله تعالى: والحكمة في تقديم الأشراط ودلالة الناس عليها تنبيه الناس من رقدتهم، وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك الفوارط منهم، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة قد نظروا لأنفسهم، وانقطعوا عن الدنيا، واستعدوا للساعة الموعود بها، والله أعلم " انتهى. "التذكرة" (3 / 1217).
وهذا يعني أن على المؤمن أن لا يكون خوفه من الساعة ومقدماتها خوفا سلبيا يدخل الهلع في قلبه ويقعده عن مصالح دينه ودنياه، بل يجب أن يكون خوفه إيجابيا يدفعه نحو الاجتهاد في مصالح دينه ولا يغفل عن مصالح دنياه.
فعلى العبد أن يهتم بمصالح دنياه مادام على هذه الأرض، ومما يستأنس به في هذا حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا.
رواه الإمام أحمد في "المسند" (20 / 251)، وصحح اسناده محققو المسند، وقالو: " إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات... " انتهى.
وقال الهيثمي رحمه الله تعالى:
" ورجاله أثبات ثقات، لعله أراد بقيام الساعة: أمارتها، فإنه قد ورد: ( إذا سمع أحدكم بالدجال، وفي يده فسيلة فليغرزها، فإن للناس عيشا بعد ) انتهى. "مجمع الزوائد" (4 / 63).
وطالعي للفائدة جواب السؤال رقم (201589)، (433494)
وأخيرا ...
الظاهر أن ما تشعرين به من قلق وعدم تحمل، هو أمر قد ساهمتِ أنت في حصوله باستغراقك في مطالعة مثل هذه الأخبار ومتابعتك لكل شائعة تلقى في مواقع التواصل.
ولتحفظي عليك راحتك النفسية وسلامة بصيرتك، وتحفظي وقتك وعمرك من الضياع: عليك بأن تتركي كليا متابعة المواقع والصفحات المهتمة بمثل هذه الأخبار، وأن تقللي قدر المستطاع الوقت الذي تقضينه على جهاز الكومبيوتر والجوال، وعدم السهر معها ليلا، واصرفي انتباهك إلى الأمور النافعة في الدين والدنيا، فما دمت في بداية الشباب وعنفوانه، فعليك أن تستغلي هذا العمر في حفظ القرآن الكريم وما تحتاجين إليه من العلوم الشرعية، وتعلم ما ينفعك في حياتك، والاهتمام بالواجبات الاجتماعية من صلة الرحم ومساعدة الوالدين ونحو هذا، وتعويد النفس شيئا فشيئا على الاستزادة من نوافل الطاعات، والترويح عن النفس بالمباحات التي لا تثير في نفسك القلق والاضطراب.
نسأل الله الكريم أن يلهمنا وإياك الرشد ويقينا شر أنفسنا.
والله أعلم.
تعليق